" اليوم 17 الشهر وباقي معي 7 آلاف ليرة، يا ترى بكفوا لعائلة من 6 أشخاص، أكل وشرب ومواصلات؟"، هذا ما قاله أبو قصي بعد أن أخرج ما تبقى من راتبه الشهري ونظر إليه بعينين قلقتين.
سؤال أبو قصي، يطرحه العديد من المواطنين، ممن اكتووا بنار الأسعار الملتهبة في دمشق، التي تصدرت المحافظات السورية جميعاً، في موجة الغلاء.
فمنذ أكثر من عامين وحتى اليوم، سجلت أسواق دمشق أعلى ارتفاع لها على جميع الأصعدة، بدءاً من سعر المواد الغذائية الأساسية، إلى أسعار الخضار والفواكه والمحروقات، والمواد الطبية والألبسة والحاجيات المدرسية.
وأصبح الوضع المعيشي أصعب، مما قد يتحمله راتب المواطن، الذي يقدر وسطياً وبعد كل الزيادات التي طرأت عليه، بـ25 آلف ليرة، في حين أن الأسرة الواحدة تحتاج على الأقل إلى 80 ألف ليرة.
أرقام رسمية
قدر آخر مسح لإنفاق الأسرة، أجراه المكتب المركزي للإحصاء في 2009، متوسط إنفاق الأسرة شهرياً بـ30.900 ألف ليرة.
وبحسب تقديرات المكتب، فإن معدل التضخم التراكمي في سوريا منذ 2010 حتى نهاية 2013 بلغ 173%.
وإذا عكسنا معدل التضخم الحالي، على تقديرات الإنفاق في 2009، فإن تقدير إنفاق الأسرة المكونة من 5 أفراد شهرياً، يعادل 84 ألف ليرة حالياً، بينما كان وسطي إنفاقها على الغذاء، قبل الـ2011، يعادل 39.900 شهرياً، بحسب الأرقام الحكومية.
وما يزيد معاناة المواطن السوري، أن متوسط الأجور بالقطاع العام بقي حتى الـ2013 عند 13 ألف ليرة، وارتفع الآن ليصل حتى 20 ألف، لكن ارتفاعه، لم يوازي الزيادة التي طرأت على أسعار الكثير من المواد الغذائية، حيث ارتفعت بنسبة 200% عما كانت عليه، قبل الـ2011.
المناطق التي تسيطر عليها المعارضة أرخص!
يوضح تقرير أعده المنتدى الاقتصادي السوري حول الاقتصاد في مدينة حلب، خلال الأشهر الثلاثة الفائتة، أن أسعار الصرف في المحافظة، شهدت تدهوراَ ووصل سعر صرف الدولار إلى ما يقارب 250 ليرة، ومؤخراً، قطع حاجز الـ300.
وشهدت المحروقات في حلب تقلبات عدة، حيث انخفض سعر أسطوانة الغاز لـ 3400 ليرة، فيما يقدر سعر الأسطوانة في مناطق سيطرة النظام بـ5 آلاف ليرة.
وسجل ليتر البنزين في حلب 200 ليرة، مقابل 400 ليرة في المناطق الخاضعة للنظام، في حين وصل سعر ليتر المازوت إلى 80 ليرة، مقابل 300 في المناطق التي يسيطر عليها النظام.
وبحسب التقرير الذي حصلت عليه روزنة، فإن الأسرة في حلب تدفع حوالي 4 آلاف ليرة شهرياً لتأمين الحطب بغرض التدفئة، ونحو 3 آلاف ليرة شهرياً لتأمين المياه، و6 آلاف ليرة لتأمين الكهرباء شهرياً.
لماذا أرخص؟
وفقاً للمحلل الاقتصادي إسماعيل محفوظ القاطن في حلب، فإن انخفاض الأسعار في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، يعود لعدم قيام التجار المتواجدين هناك، بسحب جميع المواد الغذائية المتواجدة في الأسواق كما هو الحال في دمشق، حيث يقوم النظام السوري بالاتفاق مع التجار، بإبقاء المواطن في حالة خوف من الأسعار.
ويضيف محفوظ، أن مناطق سيطرة المعارضة" مرتاحة من الأتاوات التي تدفع للشبيحة، إضافة إلى أن البضائع التي تدخل عن طريق تركيا تكون مؤمنة، ولا تدفع أي رشوة لتأمين الطريق كما في حالة طرق النظام، والأمر ينطبق على أغلب المواد الأخرى ومنها المحروقات".
ولعبت البدائل التي أوجدها السكان دوراً في التخفيف من الإنفاق،كتوليد المحروقات مثل المازوت المكرر، وكذلك توليد الكهرباء من الطاقتين الشميسة والريحية، وتركيب عنفات على مجاري الأنهار، كما وجدوا في مخلفات الأغذية والقمامة وسيلة لتوليد الغاز.