أسرار معركة جسر الشغور

أسرار معركة جسر الشغور
القصص | 06 مايو 2015

بعد تقدم جيش الفتح بقوة في إدلب بزمن قياسي وسقوط المدينة خلال ستة أيام من إعلان بدء العمليات، في مفاجأة مدوية للجيش المهاجم نفسه، الذي كان قد وضع خطة من ستة أشهر لقوته البالغة ثمانية آلاف مقاتل للسيطرة على المدينة.

وفور سقوط إدلب، أعلن جيش النظام السوري خطة شاملة لاستعادة المدينة بدأها بقصف تمهيدي غير مسبوق بالمدفعية والطيران والرشاشات الثقيلة، استطاع خلال خمسة أيام تدمير عشرة بالمائة من مساكن المدينة التي تجنبت التدمير خلال أربع سنوات.

وعلى الأرض حشد النظام مجموعتين اساسيتين لهجوم استعادة المدينة من مجموعات النخبة في قوات الفرقة الرابعة، ومجموعة العقيد سهيل الحسن "النمر"، الذي لم تهزم قواته في أي من معاركها السابقة، وعدة آلاف من قوات الدفاع الوطني "الشبيحة"، التي تجمعت بسرعة متجهة باتجاه سهل الغاب الأخضر.

جاءت فرق الدفاع الوطني بالسيارات الشاحنة الكبيرة والصغيرة المتوفرة من قرى اللاذقية وطرطوس وصافيتا ومصياف وجبلة والقرداحة، إضافة لمقاتلي الدفاع الوطني من أبناء سهل الغاب.

ومع القصف الجوي والمدفعي، شن جيش النظام حرباً نفسية غير مسبوقة على إدلب وجوارها عبر الإذاعات المحلية والتلفزيون وشبكات التواصل الاجتماعي، وكانت حملة التجييش على أعلى مستوى نفسي وتكتيكي بين صفوف عناصر الدفاع الوطني، ورمى بشكل مكثف منشورات من الجو على مناطق تواجد الثوار.

مراكز الدفاع الوطني شهدت تجييشاً غير مسبوق، فإدلب بالنسبة لجيوش التعفيش هدفاً يستحق العناء، فالمدينة لم تنهب من قبل وشهدت تركزاً رأسمالياً كبيراً خلال السنوات الأربع الماضية، مما يعني أن الغنائم ستكون وفيرة، وكان تكليف "النمر" بقيادة حملة استعادة إدلب كاف لجذب الكثير من "العفيشة" للانضمام للحملة.

وعزز جيش النظام حملته النفسية على إدلب بثلاث منشورات رماها بكثافة من الجو، الأول حمل جملة واحدة تقول: "العاقل من يتعظ"، والثاني كان تحت عنوان: "تحذير"، دعا فيه أهل إدلب للابتعاد عن مراكز تواجد "الإرهابيين" وأماكن تجمعهم ومستودعات أسلحتهم، والثالث جاء تحت عنوان: "إدلب مقبرة الإرهاب"، و كان موجهاً للمقاتلين: "أيها الإرهابيون: لا أمل لكم بالبقاء في إدلب"، وتضمن دعوة للمقاتلين لايجاد مخرج لأنفسهم.

على الطرف الآخر كان جيش الفتح قد انهى خططه لتحرير جسر الشغور، عقدة الطرق الاستراتيجية التي تتحكم بطرق الساحل غرب البلاد باتجاه حلب شمالاً وسهل الغاب جنوباً، بالإعلان عن قوة تصل إلى ثمانية آلاف، ولكن التقديرات تقول أن القوة كانت أقل من ذلك بكثير.

وسط روح معنوية عالية للطرفين اصطدم جيش الفتح بجيش النظام في مدينة جسر الشغور، وكان الالتحام قوياً وصاعقاً بعد تحصن أكثر من ألفين وخمسمائة مقاتل لجيش النظام في المدينة، وتقرب امدادات قوات الدفاع الوطني على طول طرق سهل الغاب.

مع الحسم السريع للمعركة بالآليات المفخخة، فتح جيش الفتح ممراً لفرار جنود جيش النظام جنوب غرب المدينة، فترك الجنود آلياتهم وعبروا مشاة باتجاه الجبال الغربية، ولحظة انسحابهم كانت طلائع قوات الدفاع الوطني والحواجز المرابطة في الغاب، تتلقى هجمات متتالية بلا هوادة بالصواريخ الحرارية الصغيرة التي لاحقت محركات السيارات والآليات، مما دفع قوات الدفاع الوطني التي حشرت في الوادي السهلي الذي لا يتجاوز عرضه خمسة كيلومترات لترك آلياتها في السهل والانسحاب عبر مسالك الجبال القريبة.

المعركة السريعة احرقت جزءًا من هالة "النمر"، وكشفت عن ضعف معلوماتي كبير لدى الطرفين، مما يشير إلى ضعف استخباراتي أثر بشكل كبير على خطط الطرفين وعلى ادائهما في ساحة القتال التي شهدت أداءا عالياً لقوتي جبهة النصرة وكتائب الأقصى في عمليات الاقتحام، كما أظهرت كفاءة و تنظيماً عالياً لأحرار الشام في التثبت بالأرض والتعامل مع المدنيين في ساحة المعركة.

*مقالات الرأي المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر روزنة.

 


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق