رفع الدعم يعبد الطريق أمام "البنك الدولي" وإعادة الاعمار

رفع الدعم يعبد الطريق أمام "البنك الدولي" وإعادة الاعمار
تحقيقات | 21 أبريل 2015

تتجه حكومة النظام السوري، نحو رفع الدعم نهائياً عن جميع المواد، وذلك لتحقيق شروط البنك الدولي للاقتراض منه، من إجل إعادة الاعمار، حسبما يؤكد الخبير الاقتصادي عمار يوسف. 

ويحذر الخبير من نتائج "كارثية"، قد تمس بسيادة القرار الاقتصادي في سوريا، إذا ما توجهت الحكومة للاقتراض من البنك الدولي، بسبب حاجتها إلى الكثير من الأموال. 

دروس من التاريخ 

ما يعرفه القائمون على السياسة الاقتصادية أن أهم شروط الاقتراض من البنك الدولي هو رفع الدعم الحكومي، وهذا بدوره يؤدي إلى زعزعة الثقة بين المواطن والحكومة، وبذلك تصبح الحكومة تابعة للبنك الدولي وتفقد سيادتها بالشأن الاقتصادي.

كما يمكن للبنك الدولي حينها، التدخل حتى باسم وزير الاقتصاد، ورسم سياسات الدولة الاقتصادي، هذا بحسب اللوائح الداخلية للبنك.

وبالعودة إلى التجارب السابقة للدول التي اعتمدت على قروض من البنك الدولي، نجد أن نيجيريا لم تتمكن، رغم العناية المتزايدة من البنك الدولي، من إدخال تحسين ملحوظ على أدائها الاقتصادي، بل ظلت أكثر اعتماداً على قروض البنك، وطلبت المساعدة مراراً وتكراراً من صندوق النقد الدولي ومن البنك الدولي، ولكنها في الغالب كانت تعلق المفاوضات على القرض، بسبب كثرة الشروط المفروضة عليه. 

 وقد بلغ متوسط الشروط التي فرضها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، عام 1999 على 13 دولة أفريقية جنوب الصحراء، 114 شرطاً لكل دولة. 

 وثبت أنه من المستحيل أن تتمكن هذه الدول الأفريقية من تلبية هذا العدد من الشروط، كما أنها لن تنجح في نفس الوقت، بتحسين مستوى معيشة شعوبها بكفاءة.

على ذمة حكومة النظام: 

من خلال إلقاء نظرة سريعة على المواد التي لا تزال تحت غطاء الدعم الحكومي، نلاحظ أنه لم يبقَ إلا السكر، الرز المقنن، الخبز، الكهرباء، تحت مسمى "مدعوم"، حيث أن السكر والرز، يباع الكيلو من كل مادة بحدود 50 ليرة، ويكلف الدولة 100 ليرة، كما أن ربطة الخبز تكلف الحكومة 137 ليرة وتباع بـ 35 ليرة.

فيما كيلو واط الكهرباء كلفته 40 ليرة، وأعلى سعر له بحدود 17 ليرة للساعات التجارية.

المازوت وحسب وزير التجارة الداخلية في حكومة النظام، يندعم اللتر منه بـ40 ليرة، حيث أن كلفته على الحكومة 165 ليرة، ويباع بـ125 ليرة سورية، بما فيها لأغراض التدفئة والنقل، إلا أنه يباع بـ250 ليرة في السوق السوداء، وهذا يخالف كلام الوزير بأن هذه المادة لا تزال مدعومة.

كما أن الوزير لم يذكر بأن هذه المواد لا تغطي إلا 15% فقط من مجمل الشعب السوري، وذلك وفقا لنظرة عامة على أسعار هذه المواد بكافة المحافظات السورية، والتي تظهر انفلاتها من الحد الأعلى الموضوع لها.

كارثة تنتظر فقراء سوريا 

إن صح تصريح يوسف، وهو غالباً مستند إلى تسريبات رسمية،  فإن هناك كارثة تنتظر فقراء سوريا وما تبقى من طبقتها الوسطى، الذين تجاوز عددهم خلال سنوات الثورة كل التوقعات، إذ تشير تقديرات بحثية مستقلة صدرت مؤخراً  عن الأمم المتحدة،  إلى أن معدل الفقر الإجمالي وصل بنهاية 2014 إلى نحو 75.4%

ولكن من الطبيعي أن العقوبات الأميركية والأوروبية، ستقف حائلاً أمام حصول النظام الحالي على أي قرض من البنك الدولي، الأمر الذي يدفع النظام  إلى التلاعب للتهرب من هذا الموضوع، عبر الاستعانة بدول أخرى للحصول على قروض من هذا النوع. 

150 ألف ليرة وسطي مصروف الأسرة السورية

يشير الخبير الاقتصادي يوسف في حديث لصحف محلية إلى  أن "رفع الدعم نهائياً سيكون خلال أشهر"، مؤكداً أن "كل أسرة مكونة من خمسة أشخاص، بحاجة إلى 150 ألف ليرة سورية لتعيش بشكل طبيعي".

وأردف أن الـ20 ألف ليرة سورية التي يتقاضاها الموظف، يصرف منها 12 ألف مواصلات، وهذا يؤدي لخلل في المعادلة المعيشية، مشيراً إلى أن زيادة الرواتب الأخيرة المحددة بـ4 آلاف ليرة لاتكف لشراء 20 ليتر مازوت. 

فشل حكومي

ساهم رفع الدعم عن المواد الأساسية في سوريا، بإنعاش السوق السوداء وليس العكس، كما زعم وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وهذا ما أكده طرف حكومي آخر، وهو رئيس جمعية حماية المستهلك عدنان دخاخني، حيث قال: "إن الرفع المفاجئ للأسعار من مازوت وغاز وخبز، أتى في وقت غير مناسب، وذلك لعدم توفر المادة".

كما علق دخاخني على قرار رفع الاسعار ومدى تحقيقها للغايات المعلنة بالحد من المتاجرة، وإنها تلبي مطالب الشعب، قائلاً إن"توفر المادة هو الذي يحد من السوق السوداء ويقضي على المتلاعبين بأسعارالمواد"، مطالباً حكومة النظام بتوفير المادة بشكل متاح وبالسعر الرسمي الذي تطرحه الجهات الرسمية. 

وأردف "لايوجد مواطن يطالب برفع الاسعار، وخاصة أننا نعيش في أزمة"، مشيراً إلى أن "الارتفاع الحاد للاسعار كان مفاجئة كبيرة لنا، وخاصة بظل انخفاض سعر النفط العالمي لـ 60%".

رفع الدعم مستمر

مع أول حكومة جاء بها النظام السوري بعد الثورة عام 2011، سمعنا من وزير الاقتصاد فيها عن مقترح لإطلاقِ بطاقة الكترونية تتكفل بتوجيه الدعم الحكومي لمن يستحقه، ولمن قد تضررت قوته الشرائية على إثر حفلات رفع الدعم المتعاقبة. غير أنه بقي مجرد اقتراح.

 ولكن ومنذ نيسان 2013 بدا واضحاً ميل حكومة النظام السوري، جدياً في اجتماعات متتالية إلى إكمال مسيرة رفع الدعم، وبلوغ آخرها بتطابق أسعار المشتقات النفطية في السوق السورية مع أسعارها العالمية.


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق