الصناعة الدوائية انتهت.. هل ستعود إلى الأعشاب؟

الصناعة الدوائية انتهت.. هل ستعود إلى الأعشاب؟
تحقيقات | 17 أبريل 2015

أمهات يفترشن الأرض في مدخل زقاق جامع زيد بن ثابت الانصاري، الذي يؤدي من الفحامة وسط دمشق إلى السوق الرئيسية في باب سريجة، يبعن للمارة ما تنتجه الطبيعة من نباتات يشيع أكلها في مواسمها وأعشاب مجففة تستخدم في معالجة الأمراض، ضمن ما يعرف بالطب الشعبي، الذي يبقي رائجاً إلى أيامنا رغم الحرب، الأمر الذي أدى إلى تواصل رواج سوقهن رغم انتشار البضائع العصرية التي تأتي من كل حدب وصوب.

شلل قطاع صناعة الأدوية أنعش الطب العربي

تفتقر السوق السورية إلى العديد من الأدوية والأصناف منذ مدة طويلة، حيث باتت غالبية الأصناف توزع على شكل حصص قليلة العدد لا تتجاوز في كثير من الأحيان خمس زجاجات من أنواع محددة للصيدلية الواحدة، وهي لا تفي بالغرض والطلب حيث تصنف هذه الأدوية ضمن قائمة الأكثر طلباً من المراجعين.

كما أن الكثير من معامل الأدوية وخاصة في الشمال السوري، في مدينة حلب، توقفت عن الإنتاج، ومن يعمل منها لا يعمل إلا بإنتاج صنف واحد ومن كان ينتج 140 صنفاً دوائياً انخفض إنتاجه إلى 25 صنفاً، وهناك أربعة معامل كانت تشترك في إنتاج صنف واحد بقي منها معمل واحد ينتج هذا الصنف، وكان هناك معملاً ينتج نحو 705 أصناف دوائية، كما أفاد الدكتور تامبي وهو مندوب لشركة دوائية مقيم في دمشق.

وصلت الصناعات الدوائية السورية لمستوى تغطية 93% من احتياجات السوق المحلية، وكان يتم تصديرها إلى 54 دولة عربية وأجنبية.

كما كانت سوريا تحتل المرتبة الثانية عربيا بعد الأردن في مجال تصدير الدواء، حيث يوجد فيها 69 شركة لصناعة أدوية مختلفة الحجم والطاقة الإنتاجية، فالأدوية السورية تغطي أغلب الفئات العلاجية ما عدا بعض الأنواع كأدوية السرطان وبعض أدوية الغدد بسبب تكلفتها العالية وحاجتها لتقنية متقدمة جداً، وأغلب هذه الأدوية توزعها الحكومة مجاناً على المرضى من قبل الوزارة.

التداوي بالاعشاب

تنامت بشكل كبير ظاهرة التداوي بالأعشاب الطبية في سوريا، ويقبل عليها مرضى من جميع الفئات عند بائعي الأعشاب الذين ينتشرون في دمشق، حيث يفسر هذا الإقبال نظراً للتكاليف الرخيصة وضعف الخدمات الطبية، وخروج عدد من مصانع الأدوية خارج الخدمة، بعدما يواجهون بضعف الخدمات الطبية العمومية وغلاء التكاليف في مختلف المستشفيات الخاصة.

ودفع هذا النقص في الأدوية، إلى تطوير بائعي الأعشاب عملهم من خلال العمل في محلات تجارية كبيرة تقدم ما تصفه بخدمات "الطب البديل" من فحص وتشخيص أدوية عبارة عن خلطات أعشاب، وكذلك التنويع في أنواع العسل والتمور المستوردة.

ومن خلال جولة لـ"روزنة" في سوق باب سريجة وسؤال الباعة عن سبب اختيارهن لهذه المهنة تقول السيدة المسنة أم خالد، إنها أتت من "حوش عرب" في القلمون حيث تكثر النباتات والأعشاب الطبيعية، وينتشر أكلها أو استخدامها كمطيبات تعطي نكهات للطعام يعرفها معظم نساء القرية عن طريق التداول اليومي والتعلم من غيرهن، عدا ذلك، فالمرأة في القرى تزاول دور الطبيبة منذ القدم قبل ظهور الطب الحديث وتعرف الأعشاب الطبية واستخداماتها للعلاج.

وأوضح أسامة، وهو أحد المرضى، أنه كان يعاني من سعال شديد والتهاب صدر، وأتى إلى عيادة الطب العربي، لأن مشافي ومستوصفات المنطقة مغلقة بسبب قصف قوات النظام السوري، مشيراً إلى "أن الدكتور أمين وصف له عشبة "إكليل الجبل"، ليشرب ماءها بعد غليها.

لجأ كثير من السوريين إلى التداوي بالأعشاب، أو ما يعرف بالطب العربي، في ظل تدهور القطاع الصحي ونقص الأدوية والمستلزمات والكادر الطبي، جراء الحرب التي تشهدها البلاد منذ نحو 4 سنوات، حيث تركها معظم أطبائها ولجأوا إلى دول أخرى للعمل فيها.

الجدير بالذكر أنه يوجد في سوريا ما يقارب 3646 نوعاً من هذه النباتات وكلها ذات خصائص علاجية اكتشفها المشتغلون في مهنة التداوي بالاعشاب منذ مئات السنين، وذلك بحسب ما ذكرت احصائية علمية.


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق