في الذكرى الرابعة للثورة.. الكثير من الموت والقليل من الحب

في الذكرى الرابعة للثورة.. الكثير من الموت والقليل من الحب
القصص | 15 مارس 2015

"ماذا بعد أكثر من مئتي ألف قتيل سوري، والآلاف من المفقودين والمعتقلين والمخطوفين ودمار للبنية التحتية وسرقة الآثار وتشريد الآلاف، واستباحة الغريب لحرمة الأراضي السورية".

هذه مقدمة سوداوية لمقال يرصد ذكرى انطلاقة الثورة، علي أن أغيرها وأكتب بإيجابية: "بعد أربع سنوات على انطلاقة ثورة الحرية والكرامة، ثورة انتفض فيها السوريين لكرامتهم مطالبين بالتغيير وبالعدالة والديمقراطية، قابلهم النظام بالرصاص الحي وبالاعتقالات التعسفية، لا زال شعبنا متطلعاً لـ….

إنها مهمة صعبة بصراحة أن ترصد واقعاً يغتالك في كل كلمة، إذ لا يمكن أن تستمر بالسوداوية المفرطة ولا بالإيجابية المفرطة أيضاً، لواقع أعزل  مجروح بالصميم.

هل علينا أن نتجنب في ذكرى انطلاقة الثورة ذكر داعش وجبهة النصرة والكتائب الإسلامية المتشددة، وأن نتكلم فقط عن جرائم النظام؟.

هل علينا أن نتجنب ذكر الدول التي أثرت سلباً على الحراك في سوريا، وعن الوسائل الإعلامية التي فتحت الهواء لتمرير الكثير من الكذب على حساب الدم السوري، وأن نتكلم فقط عن إيران وروسيا وحزب الله وعن إعلام النظام وفبركات قناة الدنيا؟.

مسؤولية من ما حدث في سوريا؟. لا يختلف أحد على أن النظام هو المسؤول الأول، ولكن ماذا عن جهات المعارضة هل هي بريئة ولا تتحمل المسؤولية، إذا تركنا كل سوريا في كفة وتحدثنا فقط عن مدينة الرقة، فإن مسؤولية مؤسسات المعارضة هنا مضاعفة، ونقطة سوداء مضافة إلى نقاط أخرى ستسجل في تاريخ تلك المؤسسات.

إن الخاسر الأكبر في السنوات الأربع الأخيرة إلى جانب المعتقلين والشهداء والمخطوفين والمهجرين، هم شباب الحراك المدني وغيرهم من العلمانيين واليساريين، فالواقع الذي فرضته سيطرة الجماعات الإسلامية قضت على رمزيات الثورة كالعلم والشعارات المدنية.

وأمام ذلك قام مجموعة من الناشطين على الفيسبوك في الذكرى الرابعة لإنطلاقة الثورة، بإطلاق هاشتاغ #ارفع_علم_ثورتك، مع بعض الفعاليات في عواصم العالم، وهي مبادرة جيدة لو أنها مترافقة مع فعاليات على أرض الواقع الذي يمرر ناشطيه  بعض الصور أو التجمعات التي تحمل علم الثورة أمام عدسات الكاميرا ولمدة محددة مخافة إغضاب الكتائب الإسلامية المسيطرة والتي تعتبر العلم "علماني" ومرتبط بالغرب الكافر.

ما كان لافتاً خلال السنوات الأربع أن عدد كبير من الكتاب والمثقفين اليساريين وبعضهم من الذين يرفعون الأن هاشتاغ  #ارفع_علم_ثورتك،  كان يبررون الكثير من التصرفات التي كانت الأسلمة فيها ظاهرة للعيان بحجة أن الوقت غير ملائم للانتقاد فالهدف الأول هو اسقاط النظام.

قد يكون من أحد أهم سلبيات السنوات الأربع من عمر الثورة كان في غياب النقد الحقيقي، وإن وجد فإنه في الغالب كان على نطاق ضيق ومحدود، في ظل طغيان مطلق للخطاب الشعبوي والشتائمي، وكان ومازال هذا الخطاب ينال كل من يناقض ولو بإشارة رأي المجموع.

كما أن وجود الثورة بشكلها وخطابها من خلال موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، كتنسيقيات وصفحات للتكريم والتقريع والسخرية، وصفحات ناشطين، ساهم ذلك في سرقة المعلومات من خلال التهكير، ناهيك عن فضائح مالية وجنسية بالجملة والمفرق مست ناشطين تم تداولها من خلال الشبكة العنكوبتية. 

مع العلم أن كثير من الناشطين في الداخل كانوا يقولون أن أرض الواقع مختلف تماماً عما يحدث على مواقع التواصل..!

الجميع يشعر بالظلم وبالغبن، أمام مشهد الدمار الكبير الذي تحفل به المدن السورية وإنسانها، لا يمكن أن يعوض أي شيء جميل سوى العمل على ردم الحفر التي أنشأتها تلك السنين، لا يوجد انتصار حقيقي إلا بمقدار المحافظة على ما تبقى من إنسانية السوري.

فلا يوجد عاقل يقبل بالموت المجاني، فمن أجل حرق جندي تحركت الدول أمام موت السوري الذي أصبح سهلاً واعتيادياً في ظل حرب دولية هو بيدقها.

أمام تحدي الموت كل شيء فان، كل شيء قابل لأن يصبح عدم، أراواح من غادروا الحياة وصرخات الأطفال في مجازر وحشية وانتهاكات غير آدمية كلها غصة في قلب كل سوري.

كل ذلك يهون أمام الإنقسام المجتمعي والطبقي الذي تشكل في سوريا مؤخراً، لأنه يعكس مستقبلها لاحقاً. 

في الذكرى الرابعة لعمر الثورة السورية، الفساد ينخر مؤسساتها الرسمية وسيطرة الإخوان واضحة على مفاصلها في ظل محاولة الكثيرين لكسر هيمنتهم، إلا أن دولاً تقف ورائهم كتركيا وقطر.

في الذكرى الرابعة لعمر الثورة مئات الآلاف من اللاجئين الذين تقبض باسمهم دول الجوار وتقوم بإبتزازهم ليل نهار، والآلاف غيرهم ممن أصبحوا في دول الاغتراب.

في الذكرى الرابعة من عمر الثورة هناك الكثير من السيدات والفتيات الصغيرات اللواتي تنتهك أدميتهم، مرة باسم الوطن ومرة باسم الدين على مرأى من الجميع.

في الذكرى الرابعة من عمر الثورة هناك الكثير مما على السوريين فعله، لوقف القتل بكل أشكاله.

في الذكرى الرابعة من عمر الثورة، لا علم ينفعنا ولا شعارات تأوينا، في هذه الذكرى ينفعنا فقط أن نعي أن شئنا أم أبينا أننا خسرنا الكثير، ومن هو في الخارج كسب نفسه فقط وترك وطناً يئن تحت كل أنواع الديكتاتورية المريرة. 

في الذكرى الرابعة من عمر الثورة هناك وطن سيخرج منه جيل سيبصق على الجميع.

في الذكرى الرابعة هناك القليل من الحب بين السوريين، والكثير من الموت، والقليل القليل من وسائل الحياة.

الوفاء للمبادئ وللثورة يكون بالإنسانية، فلا انتقام ولاقتل سوف يعود على سوريا ككل بالخير، رفقاً بسوريا أيها السوريون.

*مقالات الرأي المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي روزنة.

 


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق