دخل رتل من الجيش التركي إلى الأراضي السورية مساء السبت، ونقل ضريح "سليمان شاه"، من شمال حلب، إلى الأراضي التركية، بحسب وكالة الأناضول.
وأضافت الوكالة أن العملية تمت بنجاح، ولم تطلب أنقرة الاذن أو المساعدة من أحد، "فقط أخبرت قوات التحالف الدولي بعمليتها، لتفادي وقوع أي ضحايا".
وأوضحت الأناضول، أن العملية انتهت صباح اليوم، بعدما سيطرت القوات التركية على قطعة أرض بمنطقة "آشمة" شمال سوريا، ورفعت علم بلادها عليها، وقبل الانسحاب لنقل الضريح، أشارت الوكالة إلى أنه " تم تدمير جميع المباني التي كانت موجود في مكان الضريح، بعد نقل كل الأغراض ذات القيمة العالية بالنسبة لأنقرة، لمنع أي محاولة لاستغلال المكان".
من هو سليمان شاه ؟
سليمان شاه القانوني، هو جد عثمان الأول مؤسس الدولة العثمانية سنة 1299م، لقي حتفه غرقاً في نهر الفرات، أثناء محاولته الفرار، بعدما غزا المغول امبراطوريته، في القرن الثالث عشر.
دفن عند المكان المسمى حالياً "ترك مزاري"، قرب قلعة جعبر في سوريا، لكنه نقل فيما بعد لمكانٍ آخر، قبل أن يحط أخيراً في أنقرة.
الباحث التاريخي مصطفى العبد، تحدث لروزنة عن نقل الضريح سابقاً، الى منطقة قريبة من الحدود مع تركيا، شارحاً ذلك:" سنة 1973م كانت مياه سد الفرات ستغرق ضريح سليمان شاه، وبعد مفاوضات تركية سورية، تقرر نقله إلى منطقة أخرى قرب قرية قره كوزاك، في ريف حلب الشرقي، على بعد 25 كم من تركيا".
ويضيف العبد "يعتبر هذا المزار، الأرض الوحيدة ذات السيادة التركية خارج حدود الدولة".
الضريح في ساحة الصراع!
قبر "الشاه"، بقي كما هو، في ظل الصراع الدائر بسوريا، ولم يقترب منه عناصر "داعش"، أو فصائل المعارضة.
وكان الضريح، موجوداً في سوريا، مع الحرس التركي الحامي، دون أن يتعرض له أي فصيل عسكري من أيام الاحتلال الفرنسي، وأثناء فترة حكم نظام حافظ الأسد وبشار، وحتى زمن سيطرة تنظيم "الدولة الاسلامية"، على مناطق من ريف حلب.
يقول ناشطون بالمنطقة، إن السبب الرئيسي وراء ذلك، هو الاتفاقات التركية التي تبرمها أنقرة، مع الأطراف التي تسيطر على هذه المنطقة.
وكان أول اتفاق، وقعته أنقرة حول الضريح، مع باريس، أيام الانتداب الفرنسي على سوريا، عام 1921، جاء فيه:" ضريح سليمان شاه تحت السيطرة التركية، وهو جزء لا يتجزأ من أراضيها، وأي اعتداء عليه، يعتبر اعتداءً على تركيا بشكل عام".
ضريح الشاه لم تصله أيدي التنظيم
منذ دخول تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى سوريا، بدأ حملة هدم المقابر، التي ترمز لمشايخ على قدر من الأهمية لدى بعض الطوائف، وأضرحة تعود لأفراد ذُكروا في التاريخ.
هدم التنظيم قبر الصحابي "عمار بن ياسر" في مدينة الرقة، وضريح "أويس القرني" في مدينة الرقة، وقبر والي الرقة سعد الدين باشا العضم (1175م)، كما فجر مقام زوجة النبي أيوب في إدلب، وأماكن أخرى.
يرجع سبب تهديم القبور والأضرحة التاريخية، إلى أن زيارتها، هي إشراك بالله، بحسب ما يعلن قياديو التنظيم.
الاتفاق التركي مع تنظيم الدولة، أثار الشكوك في نفوس الناشطين السوريين سابقاً، لا سيما بعد دخول رتل عسكري تركي إلى الأراضي السورية، من منطقة عين العرب في نيسان 2014، ووصوله إلى القبر، بحماية عناصر التنظيم، الذين رافقوه الى حين وصوله، لضريح سلميان شاه.
يتساءل الناشط السوري عبد الهادي:" كيف لعناصر التنظيم أن يعلنوا عن تدمير كل قبر تاريخي وديني لأنه شرك بالله، ولم يقتربو إلى الآن من قبر سليمان شاه؟ هل فعلاً يخشى داعش من التدخل التركي العسكري في حال اقترب من الضريح من أجل تدميره؟".
ويضيف "إن الصحوات والمرتدين فقط من السوريين الأحرار، أما تركيا وبعض الدول الأخرى وممكن حتى اسرائيل، فهي صديقة التنظيم بلا شك".
في أوقات متفرقة منذ ثلاث سنوات، هدد العديد من المسؤولين الأتراك، منهم الرئيس رجب طيب أردوغان، ورئيس حكومته داود أوغلوا، وأعلنوا نية بلادهم التدخل لضرب تنظيم الدولة، في حال تم الاعتداء على قبر سليمان شاه.
الناشط الحقوقي محمود العلي، اعتبر أن التصريحات السياسية للمسؤولين الأتراك طبيعية جداَ.
ويقول "شيء طبيعي أن يدافع الأتراك عن ضريح سليمان شاه، حيث له شأن في نفوس الأتراك، وهذا ما يثبت الحرص الشديد، والاتفاقيات الكثيرة التي أبرموها مع فرنسا وسوريا، وأخيراً داعش".
وأوضح العلي أن " دهاء التنظيم سياسياً جعله يقبل دخول الأرتال التركية، دون التعرض لها، من أجل الابتعاد عن التهديدات التركية، ويسعى منذ سيطر على المنطقة، إلى محاولة افتتاح معبر جرابلس دخولاً وإياباً، لكن الأتراك افتتحوه فقط للحالات الإنسانية الداخلة لبلادهم، فيما يفتتح للخارجين من تركيا، يومي الاثنين والجمعه فقط".