رصاصات حزب الله والمصالح الإيرانية في سوريا

رصاصات حزب الله والمصالح الإيرانية في سوريا
القصص | 13 فبراير 2015

أمريكا حريصة على أمرين اثنين: حكومات الخليج من أجل النفط وعلى إسرائيل. وبسبب النووي الإيراني ونقل استراتيجيتها الرئيسية إلى المحيط الهادئ لمواجهة الصين، أدخلت إيران كلاعب إقليمي في المنطقة، وبما يجبر ممالك الخليج على الخضوع لهذا الجديد في السياسة الأمريكية، ولكن بما لا يغير من الدعم لها. 

التحرك الإيراني في جبهة الجولان، دلّل أنّ النظام السوري بعيد عن معرفة ما يجري في الجولان بدقة! والرد الإسرائيلي كان واضحاً: العبوا بعيداً عن حدودنا، ونحن لسنا بوارد تأييد الثورة ولا التفكير بإسقاط النظام؛ ولكن مقتل القائد الإيراني ونجل عماد مغنية استدعى عملية عسكرية في إسرائيل وانطلاقاً من الجولان السوري. واستفاد "ثرثاري" النظام وحزب الله منها قائلين أن اتفاقية الفصل عام 1974 بين إسرائيل وسوريا سقطت، وصار بالإمكان فتح جبهة الجولان وليس فقط جبهة الجنوب اللبناني، كما كان من قبل. 

الرسالة الإيرانية من الجولان ومن حزب الله لاحقاً عبر صورايخه وقتله ضابط إسرائيلي وعدة جنود، أن سورية أصبحت خاضعة للنفوذ الإيراني، وممنوع إسقاط النظام الحالي، وردت إسرائيل كما ذكرنا بأن الرسالة وصلت، ودعت سكان إسرائيل إلى عدم القلق والعودة إلى منازلهم.

كتب كافة المحللين تقريباً، أن الوضع العالمي الآن، ووضع المنطقة لا يسمح أبداً بحربٍ جديدة؛ وأنٍّ التوافق الأمريكي الإيراني بتصاعد مستمر، وأن حزب الله متورط بشكل واسع في سوريا والعراق واليمن، ولديه مشكلة كبيرة مع بقية القوى السياسية اللبنانية وكل لبنان وكل سوريا؛ وأن سوريا لم تعد حاضنة للاجئين جدد من لبنان وخاصة من جمهور حزب الله؛ وأن تورطه الواسع في سوريا يمنع التفكير بفتح جبهة واسعة قد يخسر كثيراً بسببها، وقد يُجمّد الاتفاق النووي الإيراني الذي يعمل أوباما ليله ونهاره وربما بأحلامه وهلوساته كذلك من أجل تحقيقه! وهو مصلحة إيرانية بامتياز، سيما وأن النفط تقلصت عائداته بشكل مهول والحرب في سوريا استهلكت الكثير الكثير من مليارات الدولارات الإيرانية وغذاء الشعب الإيراني؛ نقول ربما لهذه الأسباب لا مصلحة لأحد بحربٍ جديدةٍ في لبنان.

المناوشات هذه تعزّز التوافق الأمريكي الإيراني في المرحلة الحالية، وتحدّد لإسرائيل استراتيجيتها بخصوص إيران. وإنهاء الضخ الإعلامي عن الإفناء المتبادل بين إيران وإسرائيل؛ فأي حرب بين حزب الله وإسرائيل غير ممكنة دون الموافقة الإيرانية الأمريكية، وهذا الأمر سيعقد العلاقة بينهما حالياً، سيما وأن لهما مصلحة بالتنسيق والتقارب، ومن هنا نقول: لا حرب حالية بين الحزب والكيان.

ولكن الاجتماع بمزرعة الأمل وإطلاق حزب الله لصورايخه من الجولان، توضحان التبعية الكبيرة للنظام السوري لإيران. ويأتي الكلام عن حزب الله السوري مؤخراً وبشكل علني ليوضح المسألة أكثر فأكثر؛ إذاً التدخل الإيراني أصبح حقيقة واقعية، وأن ما يجري حالياً في سوريا حرب إقليمية بامتياز، وأن الشعب السوري يواجه دولاً إقليمية وليس النظام السوري فقط؛ فالأخير يبدو أنّه في حالة ضعف شديدة.

بزيادة تدخل حزب الله وإيران في سوريا، ستندفع تركيا والسعودية إلى مزيد من التدخل، وربما يفسر هذا التمّدد الكبير لجبهة النصرة بدعم مالي خليجي في إدلب، وكذلك في بقية مناطق سورية؛ وتراجع داعش في عين العرب/كوباني، لا يعني بداية إنهاء داعش، وربما يعني توريط الكرد أكثر فأكثر في الداخل السوري، أي حرب كردية عربية في سوريا لاحقة، بينما كانوا من قبل يقاتلون ضمن المناطق التي يتواجدون فيها؛ إسرائيل ليست غافلة عن هذه الحقائق، وهي مغتبطة بازدياد الخلاف الشيعي السني في سوريا، وتصاعد القتال بين الأصوليات الإسلامية فيها، ولكنها ترفض أي ابتزاز إيراني عبر الجولان، وتحدّد لإيران الأماكن التي يمكنها التواجد فيها، أي داخل سوريا وليس على حدودها، أما الحدود فستكون كما كانت منذ أكثر من أربعة عقود، وليست للعب السياسي، وأن إسرائيل دولة إقليمية بامتياز، وأن التمدد الإيراني في كامل المنطقة وتصاعد دوره في سورية لا يعني أبداً السماح بعمليات عسكرية وعرضٍ للعضلات على الحدود.

لا حرب بين الحزب والكيان، فلا مصلحة للدول الداعمة لهما فيها؛ بل العمليات التي تمّت بمثابة رسائل سياسية بالغة الدقة، بأن توافقاً على سوريا المستقبل أمر ممكن بين إيران وإسرائيل شريطة أن  تبقى الحدود في سوريا كما كانت من قبل، وكذلك في لبنان بعد حرب 2006 والقرار 1701. 


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق