في مدينة يطلق على أحد شوارعها بـ "شارع العشاق"، ينسى أهلها هذه الأيام، أن عيداً كانوا يحتفون به في الشوارع، والمحلات في المقاهي، وحتى في الجامعات والمدارس، سيحل في نهاية هذا الأسبوع.
لعيد العشاق وقعه الخاص في حمص، كانت تضج محلات الدبلان والحمرا والحضارة والحميدية باللون الأحمر مع حلول الأسبوع الأول من شباط من كل عام، كما سمي أحد شوارع حي الحضارة بشارع العشاق، لكثرة توافد المحبين إليه.
يوضح أسعد الشاب الحمصي الذي أخرت الحرب السورية زواجه سنوات طويلة، كيف يعيش عيد الحب هذه السنة:" لقد نسيت خطيبتي هذا العيد وهداياه منذ ثلاث سنوات، عندما خرجنا من بيوتنا في باب السباع وأصبحنا نازحين، أصبحت تخجل من تذكيري بهدايا عيد الحب السابقة".
يستذكر الشاب الفترة نفسها قبل أربع أو خمس سنوات " كنت أحرص على أن تحظى خطيبتي بهدايا قيمة في عيد العشاق، لذا كنت أعمل لساعات إضافية قبل العيد، اليوم أعمل طوال النهار كي نتمكن من الزواج في أقرب وقت".
الأحمر رمز للدماء
لن ترتدي فتيات جامعة البعث "الأحمر" في عيد الحب هذا العام، ولن يحملن الورود، وأكياس الهدايا الحمراء كما كن يفعلن طوال سنوات، تظن رفيف.
ترى طالبة كلية التربية أنه "من المشين التصرف على هذا النحو والاحتفاء بهذا العيد، في حين يقتل الأبرياء على بعد بضعة أمتار في التفجيرات الإرهابية، والنساء والأطفال محاصرون في حي الوعر"، تضيف "ربما اللون الأحمر صار يذكرنا بالدماء أكثر مما هو رمز الحب".
انتقاد المحتفين بعيد الحب
لا يشعر مارسيل وهو صاحب محل هدايا في حي الحضارة بالاستغراب من احتفال محلات ومطاعم دمشق بعيد الحب، رغم الوضع الأمني الصعب الذي تعانيه العاصمة، في حين أن مدينة كحمص نسيت بالكامل طقوس هذا العيد حتى في محلات الهدايا. الأمر بالنسبة إليه يتلخص في كون"حمص قد عانت من قسوة الحرب ما لم تعانيه أي مدينة أخرى في سوريا، جعلتها بعيدة كل البعد عن هكذا أعياد".
يوضح سبب غياب العيد عن شوارع وأسواق المدينة "العام الماضي قمت بتزين محلي وبشراء مجموعة هدايا تتعلق بعيد الحب في خطوة لإحياء الماضي، وتذكير الناس بأهمية هذا العيد لهم كما في السابق، إلا أن أحداً لم يقبل على شرائها، بالتالي لم يتجرأ أحد على المجازفة هذه السنة، بالإضافة إلى أنني تعرضت للانتقاد بسبب مبادرتي هذه".
يتابع " قبل خمس سنوات كانت المحلات تتسابق في الحصول على بضائع تخص هذا العيد باعتبار أن جميعها سيتم بيعه، كان ربح المحلات فترة هذا العيد ممتاز.. أما الآن أصبحنا نخجل في هذه عادات".
الوضع المادي هو السبب
أبو فراس عاد لافتتاح محله مؤخراً في حي الحميدية المنكوب، اقتصرت هدايا الحب لديه على أكواب بورسلان (الماغ) مزينة بالقلوب والورود، وبعض أطر الصور القديمة الطراز، كل شيء في هذا المحل يبدو على هذا النحو (قديم و مغبرّ) .
أيضاً، لم يقم هذا الرجل الستيني بشراء هدايا تخص هذا العيد، والسبب برأيه؛ يرويه بلهجته المحلية "العالم ما معها تاكل لحتى تشتري هدايا عالفالنتاين.. مين فاضي لهل الشغلات بقى "، مؤكداً أن هذا العيد لن يعود إلى حمص في يوم من الأيام، يتحسر على الأيام السالفة ويتابع "ما كان يجي يوم 13 شباط إلا وما كون بعت كل شي عندي هدايا بالمحل.. حمص تغيرت!".
سواء أن انتهت الحرب السورية أو لم تنتهي، يرى أبو فراس أن "قلوب الناس قد تجاوزت عيد الحب وطقوسه الرومانسية، واعتادت الحزن"، بل أصابها داء "التمسحة" على حد وصفه.