الزحف إلى جيب المواطن

الزحف إلى جيب المواطن
القصص | 01 فبراير 2015

أسعار جديدة فُرضت في سوريا مؤخراً وطالت مادتي المازوت والغاز وحتى لقمة الخبز، التي لطالما كانت في السنوات الأولى للنزاع السوري حجةً وسبباً يتباهى به الإعلام الرسمي بأن لاشيء يمكن أن يمس أساسيات المعيشة لدى المواطن.

ما تسمى بوزارة التجارة الداخلية و(حماية المستهلك) ازدادت شجاعةً وجرأةً في رفع الأسعار، بعد أن جست النبض سابقاً وأضافت تكاليف إضافية على السوريين، ورأت حينها أن لاشيء يمكن أن يوقف زحفها نحو جيوب المواطنين الذين باتوا غير قادرين على تحمّل أية قرارات جديدة، فهم يعرفون مسبقاً أن كل شيء في هذا الكون أصبح ضدهم.

في الوقت الذي تنخفض فيه أسعار النفط العالمي إلى مستويات تاريخية وتنخفض معها أسعار السلع والمحروقات، قررت هذه الحكومة أن تقوم بالعكس، فهي لم تنتظر ذوبان الثلوج وزوال الصقيع الذي خلفته العاصفة زينة وقتلت عشرات السوريين ببردها، بل إنها وبعد أن اطمأنت إلى وضعها الدولي وتأكدت من انخفاض أسهم الاتهامات والتنديد لها، اختارت أن تخلع عباءة الحياء سريعاً وتشارك العالم بتقاسم الكعكة السورية التي تُقضم كل يوم.

التبريرات التي رافقت هذا القرار أخجل من كتابتها في هذا المقال، لكنها وبكل بساطة تأتي استكمالاً لمهمة تسطيح العقول واستغباء الناس، تلك المهمة التي انتهجتها الشخصيات المتعاقبة على مجلس الوزراء، وهم اليوم يلقنوها للمواطن من خلال تقنية الـ3D بعد سنين عدة من البث التجريبي والتجريب بمشاعر وآراء السوريين. فعلى الرغم من إقرار أكبر موازنة في تاريخ سوريا لعام 2015 إلا أن هذه الزيادة تعتبر وهمية  بسبب انهيار العملة السورية وتراجع معدلات النمو الاقتصادي والدخل القومي، وذلك تبعاً لعدة دراسات اقتصادية نُشرت إحداها في موقع راديو روزنة. لذا تريد حكومة الحلقي أن توسع الشق في جيوب وجزادين السوريين والسوريات كما تعمل دائماً على توسيع الهوة بينهم، فهي تسحب ليرات إضافية عند كل مناسبة وفي غير مناسبة، وتعمد لإضافتها إلى حصّالتها الخمسية، ثم تقول بأن السوري مرفّه ويجب أن يقع عليه حد ّ الضرائب وزيادة الأسعار.

قد لايكون الهم المعيشي موازياً للمأساة الإنسانية في سوريا، لكنه أصبح يشكل ألماً جديداً يضاف إلى أرواح وأجساد السوريين، ويزيد من رغبة المهاجر واللاجئ بأن يبقى بعيداً عن بلده فلا شيء يدعوه للعودة حتى ولو ضاقت به الدنيا وفتك به الحنين إلى الوطن.

*مقالات الرأي المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر عن رأي روزنة.


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق