تستقبل مكاتب تنظيم "الدولة الإسلامية" عشرات المقاتلين كل يوم. هذه المكاتب المنتشرة في صحراء سوريا جنّدت أعداداً تقدّر بخمسين ألف مقاتل اليوم، فيما كانت لا تزيد عن 13 ألف مقاتل بداية عام 2014.
الإيمان بداعش
يقول أبو محمد وهو أربعيني من مدينة الباب التابعة لحلب: "معظم المقاتلين الأجانب والعرب من غير السوريين، انضموا للتنظيم عن قناعة وإيمان بفكر التنظيم المتشدد بحسب مشاهداتي"، فاتخاذ التنظيم لأقصى اليمين، وتقديمه لأفكار متطرفة، يساعده في الحصول على مقاتلين شرسين، وبحسب أبو محمد فإن الأشد شراسة بينهم، يشكلون العمود الفقري للتنظيم.
يتابع أبو محمد: "جاري السعودي في مدينة الباب دفع أكثر من 25 ألف دولار حتى تمكن من الوصول لسوريا بعد أن باع كل ما يملك"، عُرف الجار بحسب رواية أبو محمد بفكره المتطرف في السعودية، وعمل جاهداً ليؤمن خروجه من بلاده، ودفع مبالغ كبيرة في سبيل الوصول إلى "بلاد الجهاد" كما يحلو له أن يسميّها. "يعتقدون أنهم يشترون الجنة" يضيف أبو محمد، والسوريون المنتسبون لداعش يزيدون كل يوم أيضاً.
راتب المجاهد؟
يقدم التنظيم رواتب جيدة "للمجاهدين" في صفوفه، إضافةً لتعويضات الطعام والصحة والتدفئة، والمسكن أيضاً. ودفعت داعش مبالغ جيدة أنقذت بواسطتها شباباً سُدّت بوجوههم أبواب العمل أو السفر.
تُدفع الرواتب للمقاتلين السوريين على شكل منح مالية تبلغ 100 دولار أمريكي للاعزب، وتعويض مماثل 100 دولار للزوجة، ولأولاد المقاتل بالتأكيد تعويضات إضافيّة. أما المقاتلون الأجانب فتعويضاتهم مضاعفة بحسب البلد التي يأتي منها كلّ منهم. وتساعد داعش العناصره الراغبين بالزواج وتقدّم لهم مهوراً وبيوتاً.
يقول فادي من ريف حلب الشرقي: "الدولة الإسلامية تدفع للشاب الراغب بالزواج المهر، وتفرش له البيت، وتدفع له الآجار وغير ذلك من الأمور التي لم يكن يحلم بها السوري زمن السلم، فكيف الآن وقد عبست في وجهه الدنيا". يصادر التنظيم بيوت وعقارات عناصر الجيش الحر، أو الأشخاص الهاربين من البلاد، أو مساكن الموظفين والمطلوبين، ثم يقوم ديوان التعمير والإسكان بتوزيع العقارات على عناصره.
ويضيف فادي "أخرج التنظيم معظم الموظفين من مساكن سد تشرين في منبج، وأسكن عناصره فيها، والطريقة نفسها طبقها على النازحين في محطات تحلية المياه قرب الخفسة في ريف حلب".
يبدأ عنصر التنظيم باستلام راتبه بعد انضمامه للتنظيم مباشرةً، وبعد دورتين شرعية وعسكرية وشهر من المرابطة، يعود أصحاب الاختصاص لممارسة عملهم في مؤسسات الدولة(الدواوين)، فالمدرس لديوان التعليم، والمهندس لديوان الخدمات، والطبيب لديوان الصحة، وهناك علاوة للمقاتلين وهي حصصهم من الغنائم في حروبهم، بالنسبة للنساء يقتصر دورهن على العمل في "الحسبة" وهي هيئات تشرف على انضباط النساء من ناحية الملبس، وتقف على الحواجز العسكرية لمساعدة رجال التنظيم في التفتيش، فيما تعمل نساء التنظيم أيضاً في بعض المشافي ،والمستوصفات.
مغامرات وشهرة
يختصر الانتساب لداعش الطريق أمام الشباب، ويفتح باب الشهرة عبر المغامرات والمعارك وعبر المناصب أيضاً، غالبية عناصر التنظيم عاشوا حياتهم في مجتمع فقير مسحوق، فاشلون دراسياً، أو لم يعرفوا المدرسة أصلاً، باستثناء قلّة من مشاهير التنظيم الأجانب والذي يركز عليهم الإعلام، أو بعض القادمين من بلدان النفط العربي. و يحسب الشيخ حسن من ريف حلب: "يجد المسحوق نفسه فجأة صاحب سلطة مطلقة، يقتل، يسجن، ويمارس مسؤوليات كبيرة تجعله يستمتع بأداه "واجباته، لذلك فهو يؤديها بطريقة همجية!".
ينشر هؤلاء أخبارهم الحصرية عبر "تويتر" بشكل أساسي، ويستمتعون بالتراسل مع المتشددين حول العالم، وبدعوتهم للانضمام إلى صفوف التنظيم . سياسة التنظيم تعمل على جذب عناصرها ومنحهم الاستقرار النسبي مقارنةً مع غيرهم، مع احتلال فكرة الجهاد لعقولهم.
طائفية وفقدان أمل..
ترك كثير من عناصر الجيش الحر، والكتائب الإسلامية صفوف تنظيماتهم، لينضموا لتنظيم "الدولة الاسلامية"، ولم يكن غالبيتهم يحمل فكراً متشدداً سابقاً.
يقول أبو محمود من حلب وهو مقاتل سابق في لواء التوحيد: "تركت السلاح بعد سيطرة تنظيم داعش على منطقتي، لكنَّ بعض رفاقي انضموا لصفوفه لكونه الفصيل الوحيد القادر على الإطاحة بالأسد، وتخلي الداعمين عن تزويدنا بالسلاح والذخيرة، جعل معظم المقاتلين يؤمن أنّ العالم يريد الأسد، فكان لابدّ من الانضمام للتنظيم المتحرر من شروط الغرب بحسب رأيهم".
ويضيف أبو محمود أن الكثير من الاقتحامات والمعارك تفشل بسبب قطع الامداد ووقف الدعم العسكري، ولكن داعش تؤمن السلاح والذخيرة وتمدّ مقاتليها بدعم ممتاز.
يضاف إلى فقدان الأمل، رغبة العديد من الشبّان بإنهاء ما يطلقون عليه اسم المد الشيعي عن طريق الجهاد الأعظم، وبالتالي حمل السلاح لقتال النظام الحامل لهوية دينية مختلفة، بحسب رؤيتهم.