في السويداء.. متخفون حتى نهاية الحرب

في السويداء.. متخفون حتى نهاية الحرب
تحقيقات | 15 يناير 2015

انقسم أهالي السويداء، منذ بداية الثورة السورية، حيال الانخراط في صفوف جيش النظام، و مع تزايد أعداد القتلى، بدأت الأصوات تتعالى مشككةً ومحذرةً، من مغبة الانسياق وراء النظام، والمضي في الانخراط بصفوف جيشه.

سجناء القرية!

"عن أي واجب يتحدثون؟، الموت من أجل من؟"، يتساءل نعيم، الذي يعيش في إحدى القرى القريبة من مدينة السويداء، ويتحفظ عن ذكر اسم عائلته، لكونه مطلوب مع شقيقه إلى خدمة الاحتياط. 

يقول نعيم، الذي يعيش متوارياً عن أعين أجهزة الأمن، لروزنة: "في السابق كان الشاب يذهب إلى العسكرية، ويتحمل كل ظروف القهر، على اعتبارها سنتين سجن وتمران، لكنه اليوم لا يعرف متى ينتهي، إن كتب له عمر، ولم يعد نعشاً محمولاً".

يصف نعيم حاله، بأنه سجين في قريته مع أخوته، فقد انقطعت أعمالهم، ولا يستطيعون الخروج، لأن أسماءهم باتت على حواجز النظام، ويضيف: "لا سبيل للتخلص من هذا المأزق، قرفنا حياتنا". 

فكر شقيق نعيم الأصغر، بالهرب إلى خارج سوريا، لكنه لم يستطع ذلك، فقد أحس بالضعف أمام توسلات والدته، التي لم يعد لها أحد إلا أولادها، بعد وفاة زوجها، على حد قوله.

معاملة سيئة.. والإجازة مكلفة 

رفض الشباب الدروز الالتحاق بالجيش، ليس بجديد، لكنه لم يكن بهذا العدد، فالكثير منهم يرفض المشاركة بقتل السوريين كما يقولون، وهناك آخرون يخافون من الموت، أو من الاحتفاظ بهم لفترات طويلة.

المعاملة السيئة التي يلاقيها الشبان، من قبل بعض ضباط النظام، هي أحد أسباب النفور من الجيش، ويتحدث أدهم، عما حدث مع ابن شقيقته الذي يخدم في صفوف جيش النظام منذ أربع سنوات، بالغوطة الشرقية، قائلاً: "لم يستطع رامي النزول إلى البيت تحت أي ظرف، والضابط المسؤول عنه يبتز الجنود مادياً، إذا طلب أحدهم رؤية أهله". 

اضطر رامي إلى الدفع لضابطه، من أجل الذهاب إلى المستشفى، وإجراء عملية زائدة دودية رغم أنه ليس مريضاً، ولكنه كان يرغب بالحصول على قسط من الراحة بعيداً عن المعارك، كما يقول أدهم، الذي يضيف أن ذلك لم يغفر لابن اخته، ما اضطره للهروب من الخدمة إلى أن قتل الضابط، فعاد المجند بموجب عفو رسمي. 

ويشير الطبيب نشأت، من المشفى الوطني في السويداء، إلى حالات كثيرة لعسكريين، أسعفوا جراء كسور أو جروح في أطرافهم، كي يهربوا من الخدمة العسكرية.

"الدفاع الوطني" وسيلة للعيش 

بسبب انسداد الآفاق أمام الكثيرين، فضلاً عن الولاء للنظام، يوجد أعداد ممن يسمون بـ"المنبوذين" في مجتمع السويداء، وهم ينخرطون بصفوف "الدفاع الوطني" التابع للنظام، كوسيلة للحصول على مبالغ مالية، فيما يستقطب النظام عبر أذرعه الأمنية، الشباب وحتى الفارين من الجيش.

وجيه، هو أحد المتطوعين من قرية عتيل، يقول: "هذا واجب بغض النظر عن الأجر المادي"، فيما يوضح سعيد، من قرية عريقة: "ثمة 15 شاباً هربوا من الجيش، لكنهم الآن متطوعون في جمعية البستان، التي تتبع لرامي مخلوف، ويقاتلون إلى جانب الجيش في درعا، ويتقاضون رواتب عالية".


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق