الفقر والبرد يجتاحان سلمية.. ومن هم الأغنياء الجدد؟

الفقر والبرد يجتاحان سلمية.. ومن هم الأغنياء الجدد؟
تحقيقات | 09 يناير 2015

في إحدى صفحات "الفيسبوك"، كتبت امرأة على حسابها: "مرحبا كنت إحكي ع الغلاء بالدول يلي زرتا حول العالم، بس صدقوني متل أسعار موادنا حاليا مافي، و رح نحكي بسلمية حصرا".

وأضافت بلكنتها السلمونية: "العالم نست شي إسمو لحمة أو فروج ولي كان يطبخ علعضام بطّل، لأنا ماعادت ببلاش، الخضار والفواكه صارت حلم ولي منشوفو عم ياكلا بالطريق منأشر بأصابعنا عليه أما بالخضرة فصارت أكلة المحموسة، بتنطبخ الجمعة، بدال المشاوي لأنو بتكلف شي ألفين ليرة".

هكذا، تغيّرت أحوال المدينة، التي كانت في فترات سابقة، حاضنة للمأكولات والسلع الرخيصة، بمختلف أنواعها، وكذا مكاناً مواتياً لأي فقير.

وهي الآن، تئنّ من شدة البرد الذي يضرب البلاد، والفقر، ونقص الخدمات، والخوف من تنظيم "داعش"، المتمدد شرقها، وبعض الفصائل المتشددة، المنتشرة غربها، فسلمية، تقع في نقطة استراتيجية مهمة، تصل بين حمص، والبادية السورية والمناطق الشرقية، التي يسيطر "التنظيم" على نقاط واسعة فيها، ما حرمها، خطَ إمدادٍ غذائي، من تلك الأماكن.

 

أسعار خيالية على الأهالي! 

كلام تلك المرأة على "الفيسبوك"، توازى مع حديث أحمد، وهو مقيم في سلمية، حيث يقول لروزنة: "يصل التيار الكهربائي ست ساعات في اليوم إلى المنازل، والماء تصل، كل يوم إلى حارة ما، أي حتى ترجع للحارة نفسها، تحتاج ربما لـ10 أيام".

ويضيف الشاب: "ربطة الخبز بـ50 ليرة، ليتر المازوت يصل للـ200 ليرة إن وُجد، البانزين قليل جداً ويصل سعر الليتر لـ225 ليرة، والغاز لا يوجد منذ مدة شهر ونصف تقريباً، جاءت عدة جرات وكانت الجرة بـ1250".

وعلى ذمة أحمد، وصلت منذ شهرٍ تقريباً نحو 100 جرة غاز، إلى مركز التوزيع في الحارة الغربية بسلمية، لكنّها لم تطأ بيوت الناس، بل صارت بين أيدي اللجان الشعبية، التابعة للنظام السوري.

 

لا يوجد إجازات ممتعة!

ريتا، طالبة في جامعة تشرين باللاذقية، كانت تزور سلمية وأهلها السنة الماضية، بشكلٍ أسبوعي، أما في الموسم الدراسي الحالي، فهي تكاد تذهب مرة واحدة شهرياً، لرؤية أسرتها.

تشرح الفتاة: "أجار الطريق من سلمية إلى اللاذقية السنة الماضية، كان 450 أو 500 ليرة، حالياً صار بـ750، أما من البيت إلى الجامعة، أذهب مشياً خلال السنتين".

ولم تكتفِ بهذا القدر، بل تؤكد ريتا، أنه لا يوجد شيء مريح في سلمية، لا كهرباء ولا ماء، لا تغطية  هواتف نقالة جيدة، ولا مازوت أو بنزين، موضحة: "كآبة غير طبيعية بين الناس، لا أذهب إلى سلمية كثيراً، تبقى اللاذقية مريحة بعد هذه الأوضاع".

 

طموح محدود!

"مش"، بهذه الكلمة الشعبية في سلمية، وتعني "لا شيء"، أجاب كرم على سؤال روزنة، ما طموحك في هذه الأوضاع؟.

لم يتخرج من جامعته، وهو مقيم بسلمية، عمل في نقل الرمل والبحص، وتنقل بصنعات عديدة، إلى أن استقر مؤخراً، واستطاع فتح صالة للألعاب، يعيش من مردودها، هو وعائلته.

يؤكد الشاب، أن مدخوله الشهري من أعماله، في السنة الماضية أقل من هذا العام، لكنه كان أفضل، لأن السوق في ذاك الوقت، أرخص.

يروي كرم، أن الصالة تؤمن له نحو 150 ألف ليرة شهرياً، لكنه لا يوفر أي شيء من هذا المبلغ، فعنده تكاليف الإضاءة، من فاتورة كهرباء، وبنزين وغاز، إضافة إلى أجار المكان، موضحاً بلكنته:" ما في شي لتخبي كلو رايح بس عالم بدا تنبسط بشي، وكلو محبوس بسلمية فبيجو بيلعبو عندي".

 

أغنياء جُدد!

فيما ينهمك المواطن العادي بمدينة سلمية، في مواجهة العاصفة الحالية، وتأمين مستلزمات العيش، ويحلم بزيارة الكهرباء والماء لبيته، يوجد بالمدينة أيضاً، أناسٌ تختلف أحلامهم، وطموحاتهم.

تتعدد المجموعات المسلحة التابعة للنظام، في المدينة الواقعة بريف حماة الشرقي، وهي الأمن بفروعه، والدفاع الوطني، نسور الزوبعة من الحزب السوري القومي، وكتائب البعث، إضافة إلى مجموعة اللواء 47، التابعة للحرس الثوري الإيراني، وأخرى صغيرة من حزب الله اللبناني.

ولا تقل رواتب هؤلاء، عن العشرين ألفاً شهرياً، فيما يتقاضى كل عنصر بـ"الدفاع الوطني"، نحو ثلاثين ألفاً كل شهر، تزيد أو تنقص حسب كل رتبة، كما أن الآلاف ترتفع، مع كل منطقة يسيطر عليها النظام، من خلال العمليات المسمّاة بـ"التعفيش"، ناهيك عن الغزو على جياب المواطنين، عند الحواجز المحيطة بسلمية.

وحول الغرباء، يقول عمر أحد أبناء سلمية: "رواتب جماعة حزب الله، تتراوح بين الـ 30 والـ 100 ألف، ومن يحصل على الـ 100، هم القوة الضاربة، التي تقوم بالاستطلاع، ورأس الحربة بالمعارك، وهؤلاء، على قول من نقل لي الخبر، هم جماعة آكل شارب ميت، يعني، يقبضوا لمرة واحدة غالباً".

 


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق