الدروس الخصوصية في المنازل، تحولت في الكثير من الأحيان إلى جزء أساسي من الأجواء التي يحاول الأهالي تأمينها لأولادهم، استعداداً للامتحانات النصفية، التي ستبدأ الشهر القادم.
وبدأ الأساتذة، برفع أسعار الدروس بالحجج المعتادة، "الدولار غالي والعيشة غالية"، فالحد الأدنى للدرس يبدأ من 700 ليرة، ليرتفع وفقاً لخبرة الأستاذ وقدمه وسمعته، حتى أنه يصل إلى أكثر من 3000 ليرة في بعض الأحيان.
بديل عن المدرسة
الجديد في مسألة الدروس الخصوصية، أنها لم تعد مقتصرة فقط على طلاب الشهادات، وإنما للمراحل الأخرى.
ولم ترسل أم فؤاد ابنها وابنتها إلى المدرسة الإعدادية هذا العام، بل سجلتهما بشكل رسمي، بالاتفاق مع الإدارة، شريطة أن يدفعا الأقساط ويحضرا الامتحانات، وتقول: " أحضرت الأساتذة إلى البيت، ليأخذوا الدروس هنا بدلاً من المدرسة".
وتعلل أم فؤاد ذلك، بأن الوضع الأمني في دمشق خطر، والهاون يتساقط بشكل كبير.
100 ألف ليرة لفترة الامتحان
سميرة موظفة في أحد البنوك، تؤكد خلال حديثها لروزنة: " لدي ابن سيتقدم هذا العام لامتحان البكلوريا، ورصدت مبلغ 100 ألف ليرة خلال الشهر الذي يسبق امتحان الفصل الأول، كتكلفة للدروس الخصوصية".
وتضيف أنه بالرغم من عدم أهمية هذا الامتحان النصفي، كون الامتحان الأخير هو الذي يحدد درجة الطالب، إلا أن ذلك يساعد على حفظ جزء من المنهاج بشكل متمكن الآن.
وعن أسعار الدروس الخصوصية، ترى سميرة أنها تختلف حسب قدم الأستاذ وخبرته وتبدأ من 800 ليرة، لتصل إلى 3000 ليرة.
وتعتقد أن المدرسة غير كافية بالنسبة للطالب، خاصةً وأن الأستاذ يتوجه لأكثر من 40 طالباً في الحصة المدرسية، إضافةً لظروف البلد التي تمنع ولدها، من الذهاب إلى المدرسة في كثير من الأحيان.
وتشير سميرة، إلى أن مبلغ 100 ألف ليرة ليس بالكثير للدروس الخصوصية، طالما أن ولدها يستفيد، لافتةً إلى أن دفع هذا المبلغ أفضل من دفع أقساط في الجامعات الخاصة، والتي يمكن أن تصل لأكثر من مليوني ليرة سنوياً.
عن الدروس الخصوصية ومدى حاجة الطلاب لها، تقول تمارة طالبة بكالوريا علمي:" نحن كطلاب نضطر للدرس الخصوصي، خاصةً بالنسبة للمواد العلمية، لأن الأساتذة لا يعطون بضمير خلال الحصة، ليجبروا الطالب بطريقة غير مباشرة، على أخذ دروس خصوصية عندهم".
فيما يرى رامي الطالب في الصف التاسع، أن الأساتذة القدماء يصلون في بعض الأحيان إلى مرحلة من الملل نتيجة إعادة المناهج نفسه كل سنة، الأمر الذي يجعلهم يقدمون المعلومة بطريقة مملة.
الدولار إلى الواجهة مجدداً
عند سؤال العديد من الأساتذة، عن سبب لجوئهم إلى الدروس الخصوصية، كان الجواب أن مناحي المعيشة بكافة جوانبها أصبحت غالية، ومتوسط راتب المدرس في القطاع الحكومي والخاص 25 ألف ليرة، وهو لا يكفي لشيء في ظل موجة الغلاء، إضافةً إلى انخفاض الليرة أمام الدولار.
تقول سهير، التي تعمل مدرسة في مرحلة التعليم الأساسي:" والدي متقاعد وأخوتي في المدارس، وراتب والدي لا يكفي ثمن طعام، ونحن مهجرون ونسكن بالأجرة، لذلك لم يكن لدي خيار إلا ركوب الموجة، وإعطاء الدروس الخصوصية ".
وزارة التربية بحكومة النظام، وفي تصريح سابق لها، ردت اعتماد الأهل على الدروس الخصوصية إلى طموحهم في انتساب أولادهم للجامعة الحكومية، الأمر الذي يتطلب معدلات عالية في الشهادة الثانوية، إضافة إلى عدم ثقة الأهل بأداء المدرس بالصف، ما يدفعهم للبحث عن بدائل أخرى.
وتؤكد الوزارة، أن إحصائياتها تدل على أن الطلبة الذين حققوا درجات عليا في الشهادة الثانوية، لم يتلقوا دروساً خصوصية، ودرسوا في المدارس العامة.