عادةً ما يستحوذ خبر زيادة الرواتب على اهتمام المواطن السوري، لكن التجارب السابقة مع هذا الأجراء، غيرت ردود الأفعال حياله، فعند سماع مثل هذه الأحاديث، يتيقن المواطنون بأن الأسعار سترتفع لعدة أضعاف، فور صدور القرار بالزيادة.
وكثر الكلام عن زيادة الرواتب في الآونة الأخيرة، لكن هذه المرة ليس من المواطنين، بل من شخصيات ومصادر رسمية، يخرج بعضها ليؤكد أن الزيادة قادمة لا محالة، ليعود بعد ساعات آخر، وينفي ذلك.
من المستفيد في حال الزيادة؟
من المعروف، أن الموظفين في المؤسسات الحكومية، هم المستفيدون من الزيادة في حال إقرارها، لكن رغم ذلك يبدو أنهم لا يريدونها.
وتقول سميرة الموظفة في مؤسسة المياه، لروزنة: "دائماً كنا ننتظر الزيادة بفارغ الصبر، لكن حالياً لا نريدها ويصيبنا الخوف عند تردد شائعات حول مشروع زيادة". وتؤكد أن شائعة الزيادة يتم تناقلها قبل أشهر، وبالتالي ترتفع الأسعار قبيل أن تأتي، لتتضاعف مرة أخرى في حال تم إقرارها.
أما أسعد، وهو موظف في أحد البنوك الحكومية، فيوضح أنه "منذ شهر رمضان، يتم الحديث عن زيادة الرواتب، لكن ما حدث هو زيادة للأسعار فقط، ورفع الدعم جزئياً عن المواد المدعومة، كالسكر والخبز والمازوت". ويضيف أن أسعار المياه والكهرباء ارتفعت، حتى قبل أن تصدر الزيادة المزعومة.
ويرى أن على حكومة النظام أن تضبط الأسعار، عوضاً عن نشر إشاعات لزيادة رواتب وهمية تثقل كاهل المواطن.
المظلوم الأكبر
يؤكد أبو ثائر، الذي يعمل في النجارة أن الأوضاع الحالية في سوريا، أثرت بشكل كبير على عمله، وأصبح يبيع الخضار على البسطة بجانب منزله.
ويوضح الرجل: "ما أجنيه من بيع الخضار بالكاد يكفي ثمن طعام لأولادي وثمن فواتير، فكيف إذا زادت الأسعار بسبب رفع الرواتب؟". ويقول إن الموظف يتأثر بشكل جزئي، لكن أصحاب المهن تأكلهم نار الأسعار الملتهبة.
يشير خبير اقتصادي لروزنة، فضل عدم الكشف عن اسمه، إلى أن الزيادة أمر لابد منه، ومن المستغرب عدم صدورها إلى الآن، لا سيما عقب قرارات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، برفع الدعم جزئياً عن الخبز والسكر والرز التموينيين، وكذلك رفع سعر المازوت والبنزين والترويج لرفع سعر الغاز، وفقدان الليرة لقيمتها، وتراجع القدرة الشرائية للمواطن.
وصدرت آخر الإشاعات حول زيادة الرواتب، عن عضو بمجلس الشعب التابع للنظام، في تصريح صحفي قائلاً: "إنّ هناك مقترح تم رفعه للجهات العليا يقضي برفع الرواتب بمقدار 35 %"، مؤكداً أنها ستصدر خلال أسابيع قليلة جداً.
كلام البرلماني، تضارب مع كلام مسؤول حكومي، نفى لجريدة الوطن المقربة من النظام، أية زيادة للرواتب في هذه الظروف تحديداً.
وكان اقتصاديون سوريون دعوا إلى زيادة الرواتب، كحل للواقع الاقتصادي المتردي الذي يعاني منه المواطنون، معتبرين ذلك خياراً لا بد منه.
تصريحات البرلماني سبقها حديث لمصادر في وزارة المالية في حكومة النظام، عن أن "الوزارة أنهت دراسة مسوّدة مشروع قرار زيادة الرواتب للعاملين في الدولة"، مضيفةً أن التكهنات تشير إلى إمكانية إقرار الحكومة زيادة رواتب وأجور العاملين في الدولة، بما يقارب 50%، لكن أي من ذلك لم يحصل.
وفقاً لبيانات صادرة عن وزارة المالية، فإن حجم الرواتب السنوية للموظفين الحكوميين بلغ حوالي 609 مليارات ليرة، وفي حال صدقت الإشاعات، وتم إقرار زيادة الرواتب، ولو فرضنا أنها 50%، فإن خزينة الدولة ستنفق 305 مليارات ليرة على هذه الزيادة.