استطاع أبو موسى وجاره حسان، تأهيل دكان صغير يكسبان منه الرزق، بعد عودتهما إلى حيهما في حمص القديمة.
وشرع حسان منذ حوالي الأسبوعين، ببيع بعض ما تقدمه المؤسسات والمنظمات الخيرية له، من مواد غذائية ومنظفات، بينما يجلس أبو موسى إلى جانبه، ليبيع الخبز لأهالي الحي.
"ما من مساعدات حقيقية يتلقاها العائدون إلى الحي شبه المقطوع" يقول أبو موسى. ويضيف أن الأمر يقتصر على العدس والبرغل وبعض المنظفات.
يوضح الرجل في حديثه لروزنة:" أعاني الجوع منذ ثلاثة أشهر، أناشد جميع المنظمات والمراكز الإنسانية أن تقدم لنا مساعدات أكثر، أنا في عمر لا يسمح لي بالعمل".
يبلغ أبو موسى من العمر 81 عاماً، وليس له أولاد يعيلون به وبزوجته المريضة، كان يملك متجراً لبيع قطع السيارات قبل أن تندلع المعارك في حمص، إلا أن "الشبيحة" وحسب قوله، لم تبقِ في متجره سوى الأوراق والفواتير الممزقة.
يضيف الثمانيني بحسرة:"نهبونا وسرقونا ولو كان بإستطاعتهم فعل أكثر لفعلوا، نزحت كل فترة الاشتباكات إلى حماه، وعندما عدت لم أجد من بيتي ومتجري سوى الجدران".
قصة أخرى عن أساليب استغلال النظام لظروف النازحين وتستره على السارقين، يحكيها أبو موسى، ويشرح كيف أجبر النظام كل سكان الحي على كتابة ضبط شرطة، يوفون فيه ذمته بكل الأضرار التي لحقت ببيوتهم، موضحاً:" كان ذلك شرطاً لتوصيل التيار الكهربائي إلى بيوت الحي، كما كلفني الأمر أكثر من 25000 ليرة".
يأتي هذا، فيما يروج النظام لصورة جميلة عن الأوضاع في حمص القديمة، وأن المنطقة مؤهلة للعيش والسكن، لكن الأمر يبدو مغايراً، بناءً على كلام أبو موسى وحسان.
حاميها حراميها
يسخر فؤاد من الوضع الأمني في حي الحميدية، وانتشار حواجز اللجان الشعبية في معظم أزقته.
يقول لروزنة "حاميها حراميها، لقد ضقت ذرعاً بهؤلاء الشبيحة، أتيت مؤخراً لأتفقد بيتي، كان مسروقاً بالكامل عدا البراد والغسالة، فقلت لا بأس الحمد لله"، ويضيف أنه عندما رجع مرة أخرى ليستقر في المنزل، لم يجدهما، ويرجح أن رجال الحواجز علموا بأمرهما.
عيادات متنقلة
تجول سيارات الهلال الأحمر السوري، شوارع حمص القديمة كل يوم خميس، لتعاين المرضى وتقدم لهم الأدوية ضمن عياداتٍ متنقلة.
يتحدث أحمد المتطوع في الهلال الأحمر حول ذلك:" نأتي كل أسبوع إلى هذه المنطقة، ونشرف على صحة كل مريض يأتي إلينا، نقدم لهم كل ما يحتاجونه من أدوية على مدار الشهر".
ويضيف الشاب أن بعض المرضى صحتهم سيئة ويحتاجون لعمليات جراحية، وليس بإستطاعة الهلال تقديم خدمات أوسع من التي يقوم بها حالياً، ويتابع:" على هيئات أخرى مساعدتنا في العثور على حل لهؤلاء المرضى".
دعوات للعودة
رغم كل الصعوبات التي تعترض من يحاول العودة إلى بيته، إلا أن الكثير من سكان حي الحميدية، أظهروا تمسكاً ورغبة حقيقة بالعودة.
عادت جمانة إلى حيّها، ولم تنته من تصليح بيتها. تقول" على سكان الحارة ألا ينتظروا بعد، لدي باب واحد في بيتي، عليهم العودة حالما يستطيعون".
تعمل صفحات على موقع التواصل الاجتماعي، كـ"عن حارتنا الحميدية ببساطة"، على إظهار صورة جديدة للحارة المدمرة، وبحسب ما تنشره، فإن العديد من سكان منطقة الحميدية، تواصلوا معهم وأبدوا استعداداً للعودة.
وتعرض الصفحة، التي أسستها لجنة المصالحة بحمص، صوراً لعائلات عادت واستقرت في بيوتها، تحمّلها برسائل ودعوات، تحث بها جميع النازحين للعودة إلى حارتهم الحميدية.
رغم كل الجهود التي يبذلها المشجعون على العودة لاستقدام أبناء حارتهم، يبقى السؤال، ماذا تنفع دعوات العودة إلى بيوت صارت محطمة؟!