كهرباء، مياه، محروقات، أشياء لم تعد مألوفة لدى سكان وادي النصارى غرب حمص، المنطقة التي يعتقد أهاليها حالياً، أن النظام بات يستهدفهم.
في بلدة المزينة، وما أن بدأت السماء تمطر، قامت سهام بتوزيع أوانيها على الشرفة، وضعت اثنين تحت كل مزراب. وتقول:" السماء تمطر، هذه هي النعمة الوحيدة التي نتلقاها حالياً، الكهرباء مقطوعة منذ 45 ساعة، المياه لم تأتينا منذ عشرة أيام، خطوط الهاتف الأرضي والموبايل مقطوعة أيضاً، أطبخ لأبنائي على الحطب".
وأضافت سهام ساخرةً:" اقترح على النظام أن يقصفنا بالكيماوي، أفضل له من أن يقتلنا ببطء".
أما حسام من حبنمرة، فوصف وصول مياه الشرب إلى بلدته بالعيدية، لأن المياه حسب قوله، لا تصل إليهم إلا في الأعياد، مؤكداً بلهجته المحلية:" آخر مرة اجتنا المي كان يوم عيد الصليب 14 أيلول، وكل أسبوع بدنا نعبي صهريج بـ1500 ليرة، أوقات منضل أسبوع أوعشرة أيام بلا حمام، لأن مافي مازوت لمضخات الآبار".
مغضوب علينا
يعتقد أغلب سكان وادي النصارى، أنهم من المغضوب عليهم لدى النظام، الذي قطع أشكال الحياة الحديثة عنهم، وأمدّها لجارتهم طرطوس، كما يقولون.
أندريه صاحب أحد مطاعم الوجبات السريعة، والتي بات أغلبها مغلقاً، بسبب انقطاع الغاز عن المنطقة، تحدث لروزنة: "لا أعلم لما كل هذا التمييز، زملاء لي في طرطوس وصافيتا يقولون لي، كل شيء متوافر لنا، غاز مازوت، كهرباء، لما كل هذا الغضب؟، أمس اشتريت جرة غاز بستة آلاف ليرة!!".
"انتبهوا، لا تنسوا الغاز، لا تخلو المي تغلي، روح طفي الغاز"، جملٌ أزعجت غابي مؤخراً، فأمه حسب قوله، تمارس تقنين "ألعن" من تقنين النظام.
لم تعد هذه الجمل مفيدة بعد الآن، فـ"جرة" الغاز فرُغت، بحسب أم غابي، التي تضيف:" لم أتخيل يوماً أنني سأتعامل مع أبنائي بهذه الطريقة، نرى جرات الغاز متجهة يومياً صوب الغرب /في إشارة إلى الساحل/ ونحن لا ننال شيئاً، أشعل موقدتي كل يوم لأطبخ، وعندما تمطر أستعير ببور جارتي، هذه هي الحال التي وصلنا إليها ".
عريضة احتجاج
رداً على الواقع الخدمي السيء الذي يعيشونه، قدم مجموعة من سكان بلدات وادي النصارة أو "النضارة" كما أطلق عليه النظام مؤخراً، عريضة موقعة بأسمائهم إلى مجلس الوزراء التابع للنظام، طالبوا فيها بوضع حل للمشكلة التي تعاني منها بلداتهم.
سرعان ما ردت حكومة النظام، على لسان وزير الكهرباء عماد خميس في لقاء تلفزيوني، على قناة "سما"، بوعودٍ تقول إنه "سيتم تحسين الحال في أقرب وقت، وأن المشكلة ستحل عما قريب".
كما استضافت إذاعة "نينار أف أم" المقربة من النظام، محافظ حمص طلال البرازي، الذي تكلم عن تحسّن الأوضاع المعيشية في الوادي.
هذه الوعود أثارت سخرية حسام، الذي قال:" تفاءلنا بكلام الوزير والمحافظ، وقلنا الحمد لله حُلت المشكلة، في اليوم التالي انقطعت الكهرباء لمدة يومين متواصلين!! أين هي التحسينات يا سيادة المحافظ ؟".
تطور ملحوظ في التقنين
تكلم الإعلام العامل تحت مظلة النظام، عما أسماه "تطور ملحوظ"، في خدمات وادي النصارى، ربما قصد تطوراً من نوعٍ آخر!!
"كانت كل عائلة في الوادي، موعودة بـ 100 لتر من المازوت للتدفئة شتاء هذا العام، وهو رقم قليل جداً بالنسبة للعوائل السورية، الآن أصبح على أسر الوادي تدبر أمرهم بـ 50 لتر فقط"، يقول بسام، وهو رب لأسرة مكونة من 5 أشخاص.
ويتابع: "مسخرة، نحن نقدّر ظروف البلاد، لكن معيب غيرنا يأخذ 200 و 300 لتر، ونحنا نأخذ خمسين، لماذا التمييز!؟"، ويفضل بسام الآن، عدم شراء مادة المازوت من النظام مطلقاً، فـ"صوبية الحطب أشرف له" حسب تعبيره.
ترى كريستين من مرمريتا، أن "النظام يحاول إذلال الوادي بإضعاف الخدمات فيه، كما أنه يكتم على أنفاسه بشبيحته، التي تسرق وتسطو وتخطف وتعتدي كما يحلو لها".
وتضيف في حديثها "كنا نقول إن النظام يحاول الإبقاء على المناطق المؤيدة له مؤمنة الخدمات، يبدو أنه يفعل العكس، بإعتقادي هو يحاول تكرار سيناريو إذلال الوادي، مثلما فعل يوم أبقى خطر المتشددين في قلعة الحصن يتربص بأهالي المنطقة".