ماذا يفعل أوباما في سماء سوريا؟

ماذا يفعل أوباما في سماء سوريا؟
القصص | 24 نوفمبر 2014

 الهدف المعلن للتحالف الدولي، هو محاصرة "داعش" وتهميشها، وقد تعرضت النصرة وبقية التنظيمات الجهادية لضربات التحالف وعددها أقل من أصابع اليد!. ولكن لا تزال داعش تحاصر كوباني رغم تلك الضربات، وتوسعت مؤخراً إلى ريف حمص الشرقي واجتاحت أغلب حقول الغاز وهددت مطار التيفور بالاقتحام، واستعاد النظام بعضها ولكن قوات "داعش" لا تزال تحاصر المكان. وقامت النصرة مع قوى أصولية وجهادية أخرى، وبتوافق مع فصائل عسكرية ليست جهادية،  بإنهاء وجود جبهة ثوار سوريا، وحركة حزم في إدلب وجبل الزاوية. 

الضربات الأمريكية، قاربت بين داعش والنصرة وجزء من الجبهة الإسلامية، وهناك فصائل تنضم تباعاً لهذه القوى، وبعض المصادر تقول إن "داعش" ينشط مجدداً في الغوطة الشرقية؛ وبالتالي هناك أهداف أخرى للضربات البطيئة والتي وفق قراءات كثير من المحللين وكأنها تغطي تمدد "داعش"، بل ولقد قويت شوكة تنويعات الجهاديات أكثر فأكثر. ومن المعروف أن النصرة لها تواجد قوي في القلمون ودرعا والقنيطرة كذلك، وفي ريف دمشق وريف حماه.

راقبت أمريكا وفرنسا وبقية دول التحالف "داعش" والنصرة وهما يقضمان بهدوءٍ بالغٍ، أغلبية فصائل الجيش الحر، والآن تستمر هذه التنظيمات بالفتك بها، وطبعاً أي مراقب، ولديه أدنى حد من القلق للمعرفة والدقة، سيسأل: كيف يحصل "داعش" والنصرة وبقية الجهاديات على المال والسلاح؟! ولماذا لا تحصل عليه بقية الفصائل العسكرية؟.

إن أوباما شاهد كيف تتمدد "داعش" والنصرة. إذن ما الهدف من وراء ذلك؟ فهل يعقل ألا نتسأل عما يحدث، ويراقبه العالم من أعوام، والآن!

لا يمكن فهم كل ما يحدث دون فهم كل الإستراتيجية الأمريكية بخصوص "داعش" وأخواتها؛ إن مرور أكثر من شهرين على هذه الحرب، وهزال نتائجها، توضح أن "داعش" والنصرة وُجدا، كي تتم عملية ترتيب شؤون الأنظمة بما ينسجم مع السياسة الأمريكية، ودون أن تصعّد لا مع الروس ولا مع الإيرانيين؛ إذن أمريكا تريد تأهيل النظام بالجهاديات ليكونَ جزءاً من أي حل سياسي؛ وإفهام المعارضة وكل تشكيلات الثورة السورية، أنها ليست ثورة وليست معارضة، وعليها الإذعان كلية لما يريده سيد البيت الأبيض، وتناسي كل أحلام اليقظة، بأن النظام راحل، وبالتالي القصد من تمدّد وبقاء "داعش" والنصرة هدفه، الدفع بسوريا نحو نظام أقرب للبنان أو العراق. ويعزز ما نقوله، التسريبات التي تتكلم عن مؤتمر سياسي على أساس طائفي لإيقاف الحرب والبدء بمرحلة انتقالية، وهناك من يتكلم عن جنيف جديد، وروسيا 1.

مجريات التراجع للفصائل العسكرية غير الجهادية مستمرة باضطراد، وها هي تتوسع في كامل المدن السورية ولصالح الجهاديات، وهذا يعني أنها عملية مدروسة وليست عملية طبيعية في سياق متدهور باستمرار. تأزم الثورة وفشل المعارضة وعنف النظام، ليس سبباً كافياً لهذا التمدد، بل هناك سبب آخر، نشير إليه كجزء من الإستراتيجية الأمريكية، وهو تدمير أية هوية وطنية لسورية، وإلحاقها بما يحدث في الدول المحيطة؛ وهذا سيرضي كل من تركيا على المدى البعيد وكذلك إيران والسعودية وإسرائيل طبعاً؛ "التجريف" الطائفي الذي يحدث في المدن السورية، والذي يستمر ويستمر، وهناك هجرة واسعة لكثير من العلمانيين واليساريين والليبراليين، توضح أن سوريا تُدفع دفعاً لخيار أمريكا السياسي في العراق.

فهل هذا فعلاً ما تسعى إليه أمريكا مستفيدة من وحشية النظام وغباء المعارضة! إن شكل التدخل الأمريكي من أفغانستان إلى العراق، إلى سوريا الآن، يوضح أن أمريكا لا تسعى لأكثر من أنظمة طائفية هنا وهناك، وربما هذا ما سيسهل مهمة السيطرة على كامل المنطقة، وستكون مهيأة للحروب المستمرة، وسيكون هناك خوف وعدم ثقة كامل بين أهل هذه البلاد. 

في غمرة هذه الحروب العبثية، ستتدمر البلاد أكثر فأكثر، وهذا ما سيُخضع أي نظام قادم، وهو أحد أهداف التحالف. أما الهدف الحقيقي فهو إنهاء فكرة الثورة كليةً من أذهان كافة شعوب المنطقة، طبعاً الثورة ليست عملية فكرية، هي نتاج وقائع متعددة، اقتصادية بالأساس وسياسية وأيديولوجية وغيرها؛ وهذا ربما ما منع أوباما من أي عمل عسكري جدي منذ أربعة أعوام. 

إذن أوباما بضرباته القليلة الفاعلية،  والتي هي أقرب لفيلم سينمائي، يستخدم "داعش" والنصرة ويشرف على تمددهما، وذلك لإجبار المعارضة على حل سياسي ربما سيكون طائفياً، وبعدها يتم تهميش هذه الجهادية، ولكن دون إنهائها؛ فلها وظيفة مستمرة، أي تخريب الثورات والبلدان، كما صرح القادة الأمريكان تماماً بخصوص "داعش"، أي بخصوص كل الجهاديات. 

----------------------------------------

مقالات الرأي لا تعبر بالضرورة عن توجهات روزنة 

 


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق