تطوع الشاب محمد إبراهيم عباس، من قرية السويدة في ريف مصياف بجيش النظام السوري، وقبلت اللجنة الفاحصة طلبه، رغم أنّه لم يبلغ الثامنة عشر عاماً بعد، ولم تمض أيام حتى عاد قتيلاً.
يحضر الكثيرون ممن لم يتجاوزوا الثامنة عشر، إلى مفرزة الأمن العسكري في مصياف، للتطوع في المخابرات العسكرية، يقدمون أسماءهم وبياناتهم، ثم يحصلون على بطاقة أمنية بعد أسبوع واحد فقط.
يوضع المقبولون في سيارة بيك أب مكشوفة، ويساقوا إلى مركز" دير شميل" في ريف مصياف، الذي كانت تقام فيه دورات لشبيبة البعث، وأصبح مركزاً لتدريب مقاتلي النظام، ومقراً أمنياً للاعتقال.
يلتحق المتطوعون القصّر بعد تدريبهم في دير شميل، بساحات القتال بُعيد دورة تدريبية لمدة عشرة أيام فقط، وقضى العديد منهم خلال الأيام الأولى للمعارك، بسبب قلة خبرتهم واندفاعهم.
أساليب تحريض القصّر
انخفض عدد المتطوعين العلويين في الجيش والمخابرات، بسبب ازدياد أعداد القتلى، وسمح النظام بتطويع من هم دون الثامنة عشر عاماً، لتعويض أعداد القتلى.
يقول أحد المدرسين في ريف مصياف لروزنة:" يسهل السيطرة على عقول هذه الفئة من الشباب، ويكفي أن يوصل إعلام النظام عبر مواليه، أنّ قصد الطرف الآخر من الحرب هو القضاء على العلويين، فيبادر هؤلاء للتطوع لحماية طائفتهم".
بينما يرى أحد الشباب الذي لم يستطع ردع أخيه عن الالتحاق في قوات النظام، أنّ السبب وراء تطوع الشباب، هو الإغراءات المادية بالغنى السريع، عن طريق السرقة والتعفيش، حسب تعبيره.
وتفعل الأغاني المحرضة طائفياً فعلها أيضاً، حيث يتحدث أحمد من ريف طرطوس:" عندما يسمع هؤلاء القصّر أغانٍ تذكر بما حدث لأهل البيت على يد الأمويين، أو أغانٍ أخرى كالتي تقول المدّ العلوي تفجر، فإن بعضهم يسارع ليلحق بركب الحسين كما يعتقدون" .
كما يستغل النظام ما تشيعه بعض فصائل المعارضة المتشددة، بخصوص القضاء على العلويين، كشعار "بالذبح جيناكم"، وتسعى قنوات النظام الأمنية، لتشجيع القاصرين، على الالتحاق بالجيش.
حول هذا، يوضح أحد المعارضين في طرطوس:" تنتشر بين العلويين فكرة أنّه إذا لم نذهب لقتال المعارضة في المناطق التي تسيطر عليها، فإنهم سيأتون لقتالنا في قرانا"، مضيفاً أنّ هذه الفكرة تروق للقصّر لأسباب متعددة، بينما لا تلقَ رواجاّ بين من هم أكبر سناً.
مخالفة قانونية صريحة
يشترط القانون السوري، على من يود دخول سلك الجيش أو الأمن أو أية وظيفة أخرى، بلوغه الثامنة عشرة، ويعتبر غير ذلك، مخالفة قانونية صريحة.
ويقول المحامي أحمد:" يعتبر قبول هذه الفئة في الجيش، وتعريض حياتهم للخطر، ضرباً للقانون بعرض الحائط، ويجب أن يحاسب المخالف"، ويتابع أنّ سوريا الآن "بلد اللا قانون، وكل طرف يسعى لهزيمة الآخر بغض النظر عن طريقة النصر".
وفي الجانب الآخر، قتل العديد من القصّر في صفوف المعارضة المسلحة والتنظيمات المتطرفة، وهو ما تحدثت عنه منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقرير لها حزيران الماضي.
حيث قالت إن:" جماعات مسلحة غير تابعة للدولة في سوريا استخدمت أطفالاً تصل أعمار أصغرهم إلى 15 عاماً في القتال بالمعارك"، موثقةً تجربة 25 طفلاً، كانوا جنوداً سابقين في الجيش الحر والجبهة الإسلامية، وجبهة النصرة، وتنظيم داعش.