يكشف فيلم وثائقي جديد، مغامرة خمسة أصدقاء سوريين، في واحدة من أخطر رحلات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، والتي قضى فيها نحو 200 مهاجر وسط البحر، بينهم اثنان من السوريين الخمسة "معاذ، مجد، رشا، كنان وخالد".
كافة مشاهد الفيلم، الذي نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، صورت بواسطة مجد، الذي استخدم هاتفه المحمول خفية، لرصد الرحلة التي بدأت من دمشق إلى بيروت يوم 16 آب الفائت، ومنها إلى الجزائر، حيث اتصلوا بالمهرب الذي سلمهم لآخرين في ليبيا.
بحسب رشا، وهي شقيقة معاذ، تم "بيع المهاجرين القادمين من الجزائر لمهربين في ليبيا"، وتشير إلى أن هؤلاء المهربين "يتبعون لثوار الزنتان أو ما يعرف بالجيش الليبي الحر"، مضيفةً أن المهربين هناك طلبوا منها ارتداء الحجاب "لأنهم شعب محافظ، حسب وصفهم".
وأجبر المهربون في منطقة معزولة، المهاجرين، ومن بينهم الشبان السوريين، على دفع مبالغ تحت تهديد السلاح. تقول رشا: "عرفنا في هذه اللحظة انهم خدعونا، ولا نستطيع فعل أي شيء". ويضيف معاذ: "اخذونا إلى منطقة اسمها غداميس في ليبيا، ادخلونا إلى بيت وسط الصحراء، حيث وضعوا الذكور في غرفة والاناث في غرفة أخرى".
وتقول رشا: "كانت هناك بعض العائلات في ذاك المنزل القذر .. بعد أربعة أو خمسة أيام، أحضروا شاحنات كبيرة، ووضعوا نحو خمسين شخصاً في كل شاحنة، حيث قضينا 15 ساعة في تلك الشاحنات التي كانت تسير في الصحراء".
وتضيف: "أخبرنا المهرب نحو الساعة 12 ليلاً، أننا سننطلق الآن، وبدأ بإدخال المهاجرين للقارب، إلى أن أصبح عددنا في القارب نحو 540 شخصاً. علماً أنهم كانوا قد أخبرونا بأن القارب سيحمل 250 شخصاً فقط، ووعدونا بإحضار ستر نجاة، لكنهم كذبوا في كل ما قالوه".
ويوضح الشبان السوريون في الفيلم، الذي يستمر لنحو 8 دقائق، أن المهاجرين الذين لم يطيعوا المهربين تعرضوا للضرب داخل القارب. وتقول رشا: "بدأ أحد المهاجرين يتوسل المهربين وعرض عليهم 1500 دولاراً، ليعيدوه إلى الأراضي الليبية، لكن لم يهتم أحد".
في وسط البحر، بدأت المياه تتسرب الى القارب، وهنا "شعر المهاجرون بالخطر الحقيقي، وبدأ البعض بقراءة القرآن وترديد الشهادة" تقول رشا، التي طلب منها شقيقها معاذ أن تقفز من القارب، وبعدما ترددت قليلاً، قام بدفعها نحو المياه وقفز هو أيضاً، حيث تمسكوا بقارب مطاطي صغير، فيما بدأت جثث البعض تطفوا على السطح.
قضى الناجون نحو أربع ساعات يقاومون وسط البحر، إلى أن وصلت قوات خفر السواحل الإيطالية إلى تلك المنطقة المليئة بالجثث.
وتشير رشا إلى أنه "من أصل 540، غرق 200 شخص"، بينهم اثنان من الأصدقاء الخمسة... هما كنان وخالد.