الزبداني.. حصار خانق وهدنة هشة

الزبداني.. حصار خانق وهدنة هشة
تحقيقات | 11 أكتوبر 2014

لم تكن مدينةُ الزبداني استثناءً من الحصار الخانق الذي فرضه النظام السوري، على مدنِ وبلدات ريفِ دمشقْ، لكنها كانتْ استثناءً بطبيعة هدنتِها الهشة، بعد أكثرِ من أربع محاولاتِ فاشلةْ لوقف المعارك.

أكثرُ من مئتي نقطة عسكرية تقصف المدنيين، وتشكّلُ طوقاً خانقاً يمنعُ ‭ ‬إدخال المواد‭ ‬الغذائية ‭و ‬المحروقات، وهو ‬ما‭ ‬اضطرَ ‬ 70% من العائلات التي تعتمد على الزراعة كمورد للعيش، ‬لقطع‭ ‬أشجارِ‭ ‬سهل‭ ‬الزبداني‭ ،‬بعدَ أن يبِستْ من‭ ‬العطش،‭ ‬واحترقَ‭ ‬قسمٌ‭ ‬كبيرٌ‭ ‬منها‭ ‬نتيجةَ‭ ‬القصف.

                             

مضايقات الجوار جعلت الزبداني تهادن

أرجع الناشط فادي الصالح سبب اضطرار الأهالي بالزبداني للهدنة، إلى الفشل العسكري لفصائل المعارضة على الأرض، لأن المنطقة بحصارها، لا تصلح للعمليات العسكرية ضد قوات النظام.

وأضاف الصالح لراديو روزنة:" أن المدنيين يرغبون في الخلاص من شح المواد الغذائية والقصف اليومي، الذي تتعرض له الزبداني من قبل قوات النظام السوري، وكذلك المضايقات التي تعرض لها نازحوا الزبداني في المناطق المجاورة". 

ويشير إلى أن قيد الزبداني على الهوية، بات يشكل عبئاً على الأهالي، ويعرضهم للمخاطر والتضييق، لذلك رأى المؤيدون للهدنة، أن عودتهم إلى منازلهم في الزبداني بهدنة توقع مع النظام السوري، ستحفظ لهم كرامتهم .

   

المجلس المحلي لاحول له ولاقوة

حاولت روزنة التواصل مع المجلس المحلي أو الثوري في الزبداني، والحصول على تفسيراتٍ للهدن وخروقاتِها، لكن قوبلت المحاولات بالرفض.

تبيّن فيما بعد، أن المجلس المحلي لا يملكُ قرارَه ُبإتمام الهدن أو إسقاطِها، وتقتصر صلاحياتُه على تسهيل طريقِ المزارعينَ إلى أراضيهم، ومساعدةِ المغادرينَ منها، ببراءة ذمة صادرةْ عن أفرعِ أمنِ الدولة، تجنبهم الاعتقال، وتمكنُهُم المرور عبرَ جميعِ حواجز قواتِ النظام .

 يقول فادي الصالح إن "إحدى أسباب نقض الهدن، هي الخلافات الحاصلة بين كتائب المعارضة عقب  تحرير الزبداني بداية العام 2012، ووجود توجهان يغلبان على قرارات الاعتراف بالهدن مع قوات النظام من عدمها، بين فصائل الجيش الحر والفصائل ذات الميول الإسلامية، فالهدنة التي يوقعها أحدهما لايعترف بها الآخر".

وكان المجلس المحلي للزبداني أبرز المطالبين بتوقيع الهدن معظم المرات السابقة، لعجزه عن تلبيه احتياجات أكثر من ألفي عائلة من المدنيين، يتواجدون داخل المدينة، وكذلك الأمر بالنسبة لمقاتلي المعارضة على جبهات القتال، الذين لايملك المجلس المحلي القدرة على تأمين احتياجات عائلاتهم .  

                      

النظام يخرق الهدن ويعتقل مهادنيه

منذ بدايةِ الثورة، قتل في الزبداني أكثرُ من 490 ‬شخصاً‭ ‬حسب‭ ‬مركز‭ "‬قاعدة‭ ‬بيانات‭ ‬شهداء‭ ‬الثورة‭ ‬السورية"، بينهم  58 ‬إمرأة، ‬وتم توثيقُ ستمئة ‬معتقلٍ‭ ‬بينهم‭ ‬نساء، لم يُكشَفْ المصيرُ عنهن.

يقول الناشط أبو خطاب من الزبداني:" لم تتوقفْ انتهاكاتُ قواتِ النظام رغمَ الهدن السابقة، ربما هذا ما دفع المعارضين للهدنة، إلى التمسك برأيهم الرافض لأيِ تسويةٍ، لا يملكُ من عقدَها  من وجهاءِ الزبداني أيَ تفسيرٍ لاستمرار تلك الانتهاكات، ويفضلون استمرارها بشروط مجحفة، على نقضها وعودة معاناة الحصار".

ويضيف أبو خطاب أن هناك قناعة لدى معارضي الهدنة، بأن النظام يستغلها للغدر بقوات المعارضة، والحصول على نقاط عسكرية متقدمة، ويسعى لإجبار المعارضة، على تسليم السلاح الثقيل الذي اغتمنته.

موضحاً أن هذا الأمر مرفوض تماماً بالنسبة للمعارضين، حيث سبق للنظام أن اعتقل من هادنه، رغم تقديمه لضمانات بعد ملاحقتهم .

اذاً بين فكي الهدنة والحصار تقبعُ آمالُ نازحي الزبداني، لكنَّ الحقيقةَ تقول إن العودةَ لن تُغني عن النزوح شيئاً، فـ80% من منازلِهم، باتت رُكاماً لا يصلحُ للعيش.

 

 


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق