رفعت حكومة النظام مؤخراً، كفالة الحصول على جواز السفر لمن هم في سن التكليف، إلى 300 دولار، الأمر الذي زاد معاناة الشاب السوري، الراغب في الخروج من البلاد.
كان الحصول على الكفالة، يكلف فقط ثمن الطلب "110 ليرات" للذي أنهى الخدمة الإلزامية، و2000 ليرة، لمن لم يؤدِ بعد خدمة العلم.
أصداء القرار
يقول الشاب أحمد: "من غير المعقول دفع هذه القيمة للحصول على جواز السفر، وهناك مفارقة كبيرة، حيث أن استخراجه يكلف فقط حوالي 5 آلاف ليرة، فهل من المعقول أن ندفع أكثر من 10 أضعاف هذا المبلغ كتأمين".
وأضاف، "كيف يمكن للحكومة أن تصدر هكذا قرار، رغم وجود قوانين تمنع الدولرة، ناهيك عن أن هذا المبلغ لا يمكن استرداده، وغير ذلك، أنا مضطر كل عامين لتجديد جواز سفري، وبالتالي دفع نفس المبلغ".
لم تقتصر ردود الفعل حول قرار رفع كفالة السفر على المواطنين فقط، بل انتقلت إلى مجلس محافظة دمشق، حيث طالب أعضاؤه، بإعادة النظر في هذا القرار، وخاصة للذين يريدون تجديد وثيقة سفرهم.
شائعات وتضاؤل بالأحلام !
بين رفع كفالة السفر، والإشاعات، وجد العديد من الشبان السوريين أنفسهم محاطين، بعضهم لم يتجرأ على المغامرة والسفر، وآخرون، تضاءلت أحلامهم.
يتحدث فادي لروزنة أنه "بعد القرار الأخير انتشرت شائعات كثيرة، روجتها المواقع الالكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، مفادها فرض السلطات الحكومية على الشباب ضمن سن التكليف، الحصول على إذن سفر من شعبة التجنيد للخروج من سوريا، ودفع رسوم قدرها 300 دولار، غير الكفالة التي يتوجب دفعها للحصول على جواز السفر".
مضيفاً "معنى ذلك أننا أصبحنا بحاجة لـ600 دولار للخروج من سوريا".
تواردت أنباء، حول حصول حالات منع من السفر لعدد من الشباب على الحدود السورية، لعدم حيازتهم إذن السفر المذكور، وطُلب منهم مراجعة شعب تجنيدهم للحصول عليه.
روزنة، وللتأكد من ذلك، تواصلت مع عدد من مكاتب السفريات إلى لبنان، الذين أكدوا أن هذه المسألة جرت لأيام عدة، وخصيصاً لمن هم ضمن مواليد بين (1990 و1994)، حيث تم إرجاعهم للحصول على إذن السفر، مشيرين إلى أن هذا الأمر لم يتكرر بعد ذلك، ولم يعد يُطلب إذن السفر.
يروي فراس، أن "الوضع يتأزم يوماً بعد يوم، وفي كل يوم يتم الخروج علينا بقرارت جديدة تعقد الوضع، وتؤكد لنا أنه لا مستقبل في سوريا"، موضحاً "مع نهاية العام أتم دراستي لهندسة الميكانيك، ومن الآن أفكر ما الوجهة التي سأسافر إليها، وكيف سأجمع المبلغ المطلوب للحصول على جواز السفر".
حسبة بسيطة
بحسب الأرقام الصادرة عن إدارة الهجرة والجوزات، فإنه يتم يومياً إصدار من ألف إلى 1500 جواز في دمشق وحدها، ونحو 1200 جواز، بريف المدينة.
وفقاً للقرار، فإن الذكور بين سن الـ18 والـ 42 عاماً، بحاجة لورقة من شعبة التجنيد للحصول على جواز السفر.
لنفترض أن 500 من أصل 1500، هم من هذه الفئة، وعليهم دفع 300 دولار لقاء كفالة الحصول على جواز سفر، ذلك يعني أن الدولة تحصل يومياً على 150 ألف دولار من دمشق جراء إصدار جوازات، أي نحو 3.9 مليون دولار، شهرياً.
كيف فسر المحللون القرار؟
محللون وجدوا في القرار الجديد، تنفيذاً لتصريحات وزير المالية بحكومة النظام اسماعيل اسماعيل، الذي قال مؤخراً:" في الفترة القادمة سيكون هناك زيادة لإيرادات الدولة دون المساس بأسعار السلع الاستهلاكية، أو فرض ضرائب".
وكذلك تأكيداً لكلام وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الحالي، ورئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي همام الجزائري، الذي صرح مؤخراً، أن أهم مشروع بالعمل الحكومي، هو زيادة الاهتمام بتوسيع المطروح الضريبي والإيرادات الضريبية، وليس الاقتصار على ترشيد الانفاق.
يوضح المحللون، أن حكومة النظام تعتبر حيازة جواز السفر، شيئاً من الكماليات، ومن يريد الحصول عليه والخروج من سوريا، هو شخص يمتلك المال، في حين أن من لا يريد السفر، فلن يتأثر بقرار رفع كفالة الحصول على الجواز.
ويرى المحللون أنه من المتوقع خلال الفترة القادمة، رفع رسوم تصديق الأوراق من وزارة الخارجية، وكذلك رفع الرسوم القنصلية، لتصديق الأوراق في السفارات السورية، بمختلف دول العالم.
لماذا ارتفع الدولار؟
الانعكاس الأول للقرار وفقاً للمحللين، هو ارتفاع الدولار المفاجئ، ووصوله لنحو 200 ليرة، بسبب تفوق الطلب على العرض، واتجاه الحكومة إلى الدولرة، لا سيما أنها أصبحت تطلب رسوم التجنيد وجوازات السفر، وكثيراً من الرسوم الأخرى لآلاف المعاملات اليومية، بالدولار فقط.
ولم يطل الارتفاع دولار السوق فقط، بل امتد إلى سعر الصرف في البنوك، وشركات الصرافة، التي وصل فيها سعر الدولار إلى 185 ليرة.