وصلت جثة قتيل من الجيش النظامي إلى قرية في ريف مصياف. كانت عناصر الأمن ترافق الجنازة، وتمنع أحداً من الاقتراب من الجثمان. أصرّ أهل القتيل على إلقاء النظرة الأخيرة على فقيدهم. بعد مشاحنة مع رجال الأمن تمكنوا من فتح التابوت، وكانت المفاجأة الكبرى، وجه الضحية غريب عنهم، فقد أحضرت دورية الأمن المرافقة للجنازة، جثة مجند آخر. تمت إعادة القتيل الخطأ إلى المشفى العسكري في اللاذقية، وألغيت مراسم العزاء، وذهب القتيل الخطأ إلى حيث يمكن أن يجده أهله الحقيقيون.
وفي قرية موالية من قرى طرطوس، فتح تابوت آخر رغماً عن دورية الأمن المرافقة. لم يكن وجه القتيل واضحاً، فقد شوهت طلقة القناص المتفجرة معالمه، إلا أن الابن الحقيقي كان أكثر طولاً. وبعد شيوع هاتين القصتين، حاولت الكثير من الأسر التأكد من جثث أبنائهم القتلى، إلا أن تعليمات صارمة لقوات الأمن المرافقة منعتهم من فتح التوابيت، حتى لو اضطروا إلى دفن الجثث دون مرورها على منازل ذويها.
فوضى المشفى العسكري
تقوم قوات الأمن السورية المسؤولة عن توزيع الجثث، إلى إرسال جثث الجنود القتلى، إلى غير أصحابها. فقد يصل بعض القتلى من المعارك إلى المشافي العسكرية، أو الى المطارات دون هوية، أو دون أية أوراق تدل على هويتهم الحقيقية. وفي حال وجود هاتف خليوي مع الضحية يعمد القيّمون إلى الاتصال بأحد الأسماء الموجودة في الهاتف لمعرفة هوية الضحية، وإن لم يتمكنوا من ذلك يتم سؤال أصدقاء الضحية في الثكنة العسكرية التي يخدم القتيل فيها. وإلا يتم يتم توزيع الضحايا وفق قائمة توفق بين القتلى والأحياء والأسماء التي كانت متواجدة في الثكنة العسكرية.
يقول أحد العاملين في المشفى العسكري في اللاذقية: "برادات الموتى في المشفى صارت مشغولة تماماً، ونضطر أحياناً لوضع جثتين في براد واحد، والفوضى تعم المكان".
ويتابع أنّ أهل الفقيد الذين لا يعرفون أحداً في المشفى، "يبحثون لأيام بين الجثث عن فقيدهم الذي اختفى، ثم يلزمهم يوماً آخر أو أكثر لاخراجه من المشفى"، ويبرر العامل أنّه "بسبب ازدياد عدد القتلى فمن الممكن حدوث خطأ، وإرسال جثة الى غير عنوانها".
البحث في الإنترنت
تتكتم السلطات عن أعداد قتلاها، وعمّا يحدث في القطع العسكرية المحاصرة، لأسباب كثيرة. على سبيل المثال لا يعرف أحد حتى الآن، ماذا يحدث في معسكر وادي الضيف. وإذا قتل أحد العناصر هناك يتم دفنه في المعسكر إذا تأخرت الحوامة المسؤولة عن نقل الجثث.
يتابع أهالي المجندين صفحات المعارضة في الإنترنت، أو الفيديوهات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تتحدث عن المعارك والضحايا في المعارك المتواصلة، لمعرفة ما يحدث لأبنائهم.
بعد الموت
وصل خبر مقتل أحد الضباط في ريف طرطوس، وأخبر الأمن السوري العائلة، أنهم فشلوا في العثور على جثته. أقامت العائلة العزاء بدون جنازة، متمنين في المستقبل القريب الحصول على جثة فقيدهم
ثم تم الإفراج عن أحد المجندين المعتقلين لدى فصائل المعارضة المسلحة من سجن "التوية" في مدينة دوما في الغوطة الشرقية. وأكد المجند في أحاديثه للأمن السوري، ولعائلة الضابط المفقود، أن الضابط حيّ يرزق، وكانا معاً في سجن التوبة، وينتظر مبادلته هو وضباط ومجندون أسرى لدى الفصائل المعارضة.