سياحة الانتحار في سويسرا وسوريا أيضاً!

سياحة الانتحار في سويسرا وسوريا أيضاً!
القصص | 09 أكتوبر 2014

هو نوع حديث من أنواع السياحة التي ظهرت في سويسرا خلال السنوات الماضية، وأصبحت اليوم رائدة في هذا المجال. من يعاني من مرض عضال ويواجه متاعب تفوق قدرته على التحمل وأراد أن يضع حداً لمعاناته، فإن سويسرا توفر له موتاً رحيماً بتكاليف ليست باهظة. موت رحيم، خفيف، ينهي معاناة إنسان لم يعد يرى في هذه الحياة شيئاً يستحق العيش لأجله، ولربما تختلف الآراء بين معارض وموافق لهذه الفكرة الغريبة التي مازالت تشكل إحدى أكثر المواضيع إثارة للجدل في أوروبا. فمثلاً وجهة النظر الدينية التي تشكل الثقل الأكبر في هذا الموضوع، تقول بتحريم الانتحار وتعده فعلاً يعاقب عليه مرتكبه عند الله. أما الآراء الأخرى فتتضارب كثيراً فيما إذا كان قرار المنتحر سليماً أم غباءاً فاحشاً. 

لكن بعيداً عن الجدلية التي يثيرها هذا النوع من الابتكارات الأوروبية، فإن سياحة الانتحار باتت اليوم واقعاً يفرض نفسه في سوريا والعراق، والمنطقة بشكل عام، دون أن تثير نفس ردود الأفعال التي نلمسها عندما نأتي على ذكر سويسرا. 

من يريد الانتحار على طريقة السيف والحصان فقد أصبح ذلك الآن متاحاً، لايكلف شيئاً، بل على العكس سيكون لديك مبلغ من المال وبعض (الدلال) قبل أن تقوم بخطوة الانتحار التي ستنهي حياتك التي مللت منها في بلدك الذي أعطاك كل ماتريده من حرية وتطور، وتنهي حياة المئات من الأبرياء.

نسمع اليوم بالكثير من الشبان والشابات القادمين من بلاد أوروبية ومن جنسيات مختلفة، يريدون الالتحاق بمعسكرات داعش. التسجيل يتم عن طريق الانترنت (هذا ما كشفته وسائل إعلام غربية عدة)، وبعد القيام بالتسجيل سيتم إعلامك بموعد سفرك نحو بلاد السياحة الجديدة، بلاد سياحة الانتحار، تلك البلاد التي تفوقت أخيراً على بلد أوروبي متقدّم مثل سويسرا. هذا الاستثمار الذي تقوم به دول كثيرة على الأرض الشرق أوسطية، يبدو أنه استثمار ممتاز لها ولمصالحها، فمن يريد أن يساعدنا في التخلص من أكبر عدد ممكن من البشر فليتفضل، هكذا أتخيل ويتخيل غيري من المتابعين أحاديث من يرسم هذه الأحداث الدموية، المايسترو الذي يقود هذه الجوقة العالمية المتخاذلة يبدو مرتاحاً اليوم، فالخطة تسير كما هي، والكل على الأرض يساعده بشكل مباشر أو غير مباشر في التنفيذ. 

الفرق بين الموت هنا في سوريا أو العراق وبين الموت في سويسرا، هو كلمة الموت الرحيم، حتى الموت هناك رحيم، أي أنه خيار أخير للرأفة بالحال الإنسانية التي تصل إلى ذروة قدرتها على الاحتمال. على الرغم من أن كلمة الموت أيضاً ليست بالكلمة الجميلة، وهي أصبحت واقعاً يومياً وكابوساً نتوق للخلاص منه. وعلى أمل أن تصل الرحمة إلى منطقتنا وتعود الرأفة إلى قلوبنا، وياليتها تكون قريبة، فنحن نريد أن نبني الحياة من جديد على هذه الأرض، وهذه الشعوب التي أضناها حروب الآخرين تريد أن تستبدل سياحة الانتحار بسياحة الحياة.

 


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق