قذائف الهاون.. غيرت حياة الكثيرين!

قذائف الهاون.. غيرت حياة الكثيرين!
تحقيقات | 08 أكتوبر 2014

 منذ أصيبت ريتا بشظايا صاروخ، سقط على حي "باب توما" في دمشق، توقفت عن عزف البيانو، فلم تعد قادرة على تحريك قدميها كما السابق، واستخدام دواسات الآلة، للتحكم بالعزف، فيما أدى الصاروخ، إلى مقتل صديقها على الفور.

تقول ابنة الـ25 عاماً لروزنة:"هذا الصاروخ كان نقطة تحول في حياتي، صورة صديقي غارقاً بدمائه، وأصوات الصراخ والهلع، لا تفارقني لحظة، البيانو كان كل حياتي، وها أنا اليوم أكتفي بمشاهدته فقط بعد أن كنت لا أفارقه."

منذ اشتداد المعارك بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة حول دمشق، وعشرات قذائف الهاون والصواريخ تنهال على العاصمة يومياً، تتركز في معظمها على أحياء باب توما، القصاع، جرمانا، والتجارة، موقعةً عشرات الإصابات والضحايا.

 

خطوات احترازية

يطلق أحمد ذو العشرين عاماً اسم "نظام الحماية"، على الخطوات التي يتبعها أثناء تجوّله في أحياء دمشق، " ليس نظاماً للوقاية الكاملة، بل هو للتخفيف من آثار القذائف، أنا فعلياً أطبق المثل الشعبي الذي يقول، امشي الحيط الحيط، حيث أحرص على المشي بقرب الجدار أو بجانب أي سقف أشاهده، ولم أواجه إلى اليوم أية قذيفة، لذا لم أختبر نظامي وأرجو ألا اضطر لاختباره".

العميد المتقاعد حافظ نبيل يرى أنه لا يمكن تجنب قذائف الهاون، فهي إحدى أنواع القصف العشوائي، ويمكن فقط التقليل من مخاطر الإصابة بعد سقوطها، عن طريق الاحتماء بمكان مسقوف، أو الاستلقاء على الأرض، لأن ذلك يقلل من خطر الإصابة.

لا توجد إحصائيات دقيقة حول عدد ضحايا القصف على العاصمة السورية، لكن مصادر طبية أكدت، أن مئات المدنيين بينهم نساء وأطفال، قضوا جراء القذائف والصواريخ، التي تسقط على المدينة بشكل يومي.

 

اضطراب نفسي

نجى سامي من عدة قذائف هاون سقطت على حي الصالحية في دمشق، يروي لروزنة: "هي لحظات لا يمكن وصفها، بينك وبين الموت هذه السماء وما ستأتي به، استعرضت كل تفصيل عشته في حياتي، سقطت الأولى وبدأت أفكر ربما الثانية ستحظى بي، غبار وحجارة وشظايا ملتهبة، وأصوات من حولك يصرخون وآخرون على الأرض يلفظون الشهادة، ربما سيكون هذا آخر ما ستسمعه وتراه."

يقصد سامي اليوم طبيباً نفسياً، لمعالجة الأثر الذي تركته هذه التجربة وضعه النفسي، موضحاً أنه لجأ للعلاج، بعد أن بدأ يعاني الأرق والكوابيس التي لم تعد تفارقه.

أما راما ذات الـ25 عاماً، فتقول إنها مصابة "برهاب الهاون"، مضيفةً أن " الخروج من المنزل بات كابوساً، واقتصر الأمر عندي بالأمور الضرورية، ورغم ذلك طيلة هذا الوقت، لا أتوقف عن النظر إلى السماء، أي صوت يرعبني، ووجود سقف فوق رأسي، هو فقط ما يشعرني بالأمان."

 

الحياة مستمرة

بالنسبة للشاب مصطفى، فقذائف الهاون لم تغير شيئاً من حياته، حيث يؤكد أنه يخاف القذائف، لكنه لم يجعل منها هاجساً يمنعه من ممارسة حياته.

ويوضح: " هذا شأن أغلب الشوام، منذ أيام سقط صاروخ على أحد المطاعم في الصباح، بعد ساعات، كان المطعم يعج بالزبائن، إرادة الحياة تنتصر دوماً والخوف سيجعل حياتنا أسوأ مما هي عليه اليوم، علينا أن نعتاد على الأمر الذي بات تقليداً يومياً."

 

 


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق