كيف يهرب أبناء الساحل من الخدمة الإلزامية؟

كيف يهرب أبناء الساحل من الخدمة الإلزامية؟
تحقيقات | 05 أكتوبر 2014

قدم "سامر" طلباً إلى جامعة دمشق، لإتمام رسالة الماجستير في الهندسة الزراعية، لم يكن يفكر في إكمال دراسته، إذ كان تواقاً للتخرج، من أجل الحصول على وظيفة في دائرة حكومية، لكن الخوف من سحبه إلى جيش النظام، دفعه لمتابعة طريق الجامعة.

أصدقاء سامر الذين أنهوا الدراسة باكراً والتحقوا بوظائف حكومية، تم سحبهم إلى الجيش، منهم من قتل، وبضعهم محاصر على جبهة ما، أما من كان حظه جيداً، فقد أصيب وابتعد عن الموت، إلى حين آخر.

يتحدث الشاب: "أنقذني رسوبي في الجامعة من موت محتم، أو العيش في ظل الموت على إحدى جبهات القتال".

يلتحق بعض خريجي الجامعات من أبناء مدينة طرطوس بالجيش، ويتهرب كثيرون غيرهم من الالتحاق، عن طريق الرسوب في مادة واحدة من السنة الجامعية الأخيرة، ويقولأحمد من طرطوس: "إذا علقت تخرجي على مادة واحدة، أفضل من أن تعلق جثتي في مكان ما".

 

تشغيل الوساطات

يتداول السوريون تعبيراً مختصراً عن الواسطة، بعبارة "فيتامين أو O"، فمن يكون على قرابة أو صلة بأحد المسؤولين النافذين في الدولة، له الأفضلية بالحصول على وظيفة ما.

لكن "فيتامين O" هذه الأيام له دور آخر، يتمثل في تأجيل التحاق البعض بخدمة العلم، أو تأمينهم في أماكن بعيدة عن القتال، أو إرسالهم في إجازات طويلة، إذا لم يتيسر ذلك.

أحمد خريج هندسة كهربائية، يعمل في محل إصلاح أجهزة الخليوي بطرطوس، التحق بالقاعدة الصاروخية قرب مدينته، وبسبب قرابته من أحد المسؤولين، يقضي معظم أيامه بعيداً عن القاعدة.

زميله صفوان من أسرة فقيرة، يعيش واقعاً آخر، فلم يستطع التهرب من خدمة العلم، ولا الحصول على إجازة ولو كانت قصيرة، حيث يقول:" يبدو أنّ الفقراء فقط، محكومون بالموت في هذه البلاد".

 

السفر خارج البلاد

يؤكد حسن العامل في شعبة تجنيد طرطوس، أنّ المئات من شباب المدينة، يتهربون من الالتحاق بالجيش، ويفضلون البقاء في قراهم، وعدم السفر، خوفاً من اصطيادهم على الحواجز، كما يعمد البعض، للحصول على منح دراسية خارج البلاد، خوفاً من الخدمة الإلزامية، أو هرباً من واقع البلد.

يعرف المقربون من "علي"، كرهه لدراسته اللغة الفارسية في جامعة حمص، لكنّه سعى عن طريق أحد معارفه لإكمال الدراسة في إيران بعد تخرجه، ويحكي أحد أصدقائه حول ذلك:" لم أجد سبباً يدعوه للسفر، إلّا تهربه من خدمة العلم".

أما عاصم، خريج اللغة الانكليزية، فقد أمن عملاً بسيط الأجر في لبنان، للسبب ذاته، وهو التهرب من الخدمة في جيش النظام.

 تتعدد طرق عدم التحاق أبناء الساحل بالجيش، وتتوحد في سبب، هو الهرب من الموت، أو ملاقاة مصير يشبهه، وفيما يفرّ أبناء الأغنياء والمسؤولين، يبقى على الفقراء وأهاليهم مواجهة موت مجاني، لا يحصدون منه سوى صورة معلقة على باب البيت، يُكتَبُ تحتها "شهيد في سبيل الوطن". 


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق