"اعتقلوا ما يزيد عن مئة شاب خلال أسبوع دون أي سبب"، هذا ما قاله "أحمد"، الشاب الجبلاوي، عندما نقل لروزنة خبراً، عن قيام قوات الأمن التابعة للنظام، باعتقال شباب من مدينته في شهر آب الماضي.
بعد محاولات عديدة لمعرفة تفاصيل الخبر، عن طريق أهالي جبلة من معارضة وموالاة، أو من صفحات التواصل الاجتماعي، تبين السيناريو التالي:
قوات الأمن كانت تراقب جبلة بشكل دقيق وسري، وعملية الاعتقال المنظمة، تلاها مصادرة مخازن أسلحة وذخائر، وجرى الاعتقال، بشكل تدريجي على مدار الأسبوع، وسط تعتيم هائل.
أرادوا حماية مدينتهم، فباتوا بحاجة للحماية!
منذ مجزرة البيضا بمدينة بانياس، في أيار العام الماضي، وأهالي جبلة من المعارضين، يعيشون الرعب، من ارتكاب مجزرة مشابهة بهم.
حادثة البيضا، بثت خوفاً في قلوبهم، لم يعرفوه منذ بداية الاحتجاجات في سوريا، ولا سيّما، أن جبلة محاطة بقرى موالية، ما يجعل الخطر أكبر على المعارضين، في حال تم اقتحام المدينة، أو حدث أي اشتباك كما في البيضا العام الماضي.
من هنا، قام المعارضون في جبلة، بتهريب السلاح وتخبئته في مخازن داخل المدينة، بشكل سري استمر لمدة عام كامل، وعن طريقة التهريب، فكانت أشبه بمسلسلات هوليود، كما يقول "مازن"، أحد شبان المدينة.
ويضيف: "الغريب كيف تم تهريب الكم الهائل من السلاح لعام كامل، بالطبع كان هنالك تعامل مع رجال الأمن والجمارك، وإلا ما من نملة تدخل الحدود، أو البحر، إلا بعلم تام منهم".
بكر، وهو من جبلة أيضاً، عمل بشكل سري من خارج سوريا، ونسق مع الداخل، لإيصال السلاح، يوضح لروزنة: "إنها الطريقة الوحيدة لحماية أهالي جبلة، فجبلة محاطة من كل جانب بفئة موالية للنظام، وهؤلاء الناس، سيستميتون في القتال، إن صدرت طلقة نار واحدة".
خسارة تقدر بربع مليون دولار أميركي!
في ظل التعتيمات على عملية تهريب السلاح، أو حملات المداهمة والاعتقال، سرب بعض الناشطين خارج سوريا، أن كمية السلاح التي تمت مصادرتها، تقدر بحوالي ربع مليون دولار أمريكي، دون أي تفصيل يذكر عن الموضوع.
لكن منذ أيام قليلة قالت صفحات الفيسبوك الموالية في مدينة جبلة، إن قوات الأمن وبمساعدة رجال الدفاع الوطني، استطاعوا إلقاء القبض على عدد من شباب جبلة، واكتشاف مخازن للعبوات الناسفة في المدينة نفسها، وأتبعوا خبرهم بجملة "تم القبض على الإرهابيين الذين حاولوا ترويع النازحين ممن هربوا من الموت".
حملة "أنقذوا جبلة" الغامضة!
في ظل هذه المستجدات، أطلق ناشطون جبلاويون خارج سوريا، حملة بعنوان "أنقذوا جبلة"، دعوا فيها إلى التحرك من أجل إنقاذ مدينتهم، من استمرار الاعتقالات العشوائية، وعمليات الخطف، التي طالت شباب جبلة المعارض، أو أبناءها من الطائفة السنية.
عمر، ناشط جبلاوي، يعيش خارج سوريا منذ أكثر من عامين، كان من أوائل الداعين لهذه الحملة، التي لم تلق رواجاً كبيراً، يرى أن الوقت حان للتحرك من أجل جبلة، فهي كغيرها من باقي المدن عانت الكثير وخسرت زهرة شبانها.
يؤكد الشاب، أنه لم يعد هنالك شبان في جبلة، فهم إما معتقلون أو مخطوفون أو شهداء أو هربوا خارج سوريا، مضيفاً:" من بقي منهم لا حول ولا قوة له، فلم السكوت والتمييز؟".
الفكرة كانت خاطئة برأي البعض
رامي، شاب معارض ابن مدينة جبلة أيضاً، يرى الأمر برمته خاطئاً وجنونياً، وأن اكتشاف مخازن الأسلحة والعبوات الناسفة، جنّب المدينة حماماً من الدماء لن يتوقف، في حال تم اقتحامها، حسب وصفه.
ويتحدث حول ذلك:" أعرف أن ما فعلوه كان نابعاً من خوفهم، ولكنني أعلم جيداً ما قد يقوم به النظام في حال تصدى له أحد من جبلة، لن يؤثر فيه تدمير جبلة بمن فيها، وسيضحي بمواليه إن لزم الأمر".