لايمكن حصر الحوادث العجيبة التي حصلت وتحصل في لبنان من جراء الحرب المستعرة في سوريا ونتائجها السياسية والاقتصادية. لبنان، ذاك البلد الذي يجاور سوريا من جهة الغرب هو في الأساس بلد غير مستقر سياسياً وأمنياً، تتصدر أخباره دائماً محطات التلفاز والراديو والصحف، من أخبار الاغتيالات إلى التفجيرات والحروب المتنقلة. وها هو اليوم يضيف إلى تاريخه الحافل فصلاً جديداً من فصول النزاعات.
بدءاً بالمعاملة السيئة للسوريين على الحدود، وصولاً إلى مقاطع الفيديو التي تصور تعذيب أو إهانة اللاجئين والمقيمين على حد سواء، والتحريض على العنف، وعرقلة معاملات تجديد الإقامة وإلخ.. وهناك المزيد من المفاجآت التي تذهلنا عندما نسمع بها أو نراها، فمؤخراً نشرت إحدى المحطات التلفزيونية اللبنانية على موقعها على الانترنت استفتاءً عاماً تسأل فيه تلك القناة جمهورها ما إذا كانوا يؤيدون فكرة عدم السماح لكل من هو سوري الجنسية بالشراء من محالهم التجارية .. وكأن السوري أصبح مرضاً يتنقل في الشوارع اللبنانية ويهدد كل من حوله بالهلاك ..
الواقع في ذلك البلد السياحي الجميل هو أنه بيئة مناسبة للعمالة الأجنبية، حيث إنك تجد في شوارع بيروت وماحولها الكثير من الجنسيات التي تستطيع التعرف عليها من خلال لون وشكل أصحابها، يوجد الأفارقة والآسيويون، يوجد العرب، ولاننسى أيضاً السياح الأجانب من دول أوروبية وأجنبية عدة . إذاً لماذا أصبح السوريون هم الجنسية الوحيدة التي تشكل خطراً على لبنان؟ البعض يقول أنها أصبحت موضة، أن تؤذي سورياً أو تعامله بشكل غير مناسب كي ينتشر الفيديو على الانترنت وتظهر على نشرات الأخبار، ولربما هو رواسب الماضي وحقد قديم يحاول البعض أن يوقظه من خلال تصرفات عدائية.
لاعتب على بلد يعاني سكانه بالأصل من حكوماته الفاسدة والتي لم تستطع أن تؤمن لهم حياةً جيدة أو تنتشلهم من بقايا الحروب الكثيرة التي عصفت بهم، لكن لايجب أن يصبح السوري أو أي إنسان مادة دسمة للحوادث اليومية والانتقام بسبب دافع سياسي أوغيره، ولاينبغي أن يتحول الانسان إلى ملطشة لكل من يريد أن يلطش.
يبدو لبنان فعلاً صندوقاً مليئاً بالغرائب والعجائب، لكنه الآن ممتلئ إلى حد أنه ينضح بالكثير الكثير، إنه يتأرجح مابين هذه الكفة وتلك، لايعرف استقراراً إلى أن تستقر الموازين الإقليمية حينها فقط قد تتحول تلك العجائب العدائية إلى عجائب السلام والانسجام.