أبناء حي تشرين بدمشق .. فتنة.. وطائفية

أبناء حي تشرين بدمشق .. فتنة.. وطائفية
تحقيقات | 14 سبتمبر 2014

في منطقة حي تشرين شمال العاصمة دمشق، انقسم أصدقاء الحارة الواحدة، بين مقاتلي معارضة، ومسلحي لجان شعبية، منذ منتصف عام 2012، عندما بدأت بوادر لمظاهر مسلحة تطفو على السطح.

   

من أصدقاء إلى أعداء

أنور الملقب بأبو بكر، يقاتل الآن في صفوف المعارضة بالمنطقة، يقول لروزنة: "نحن نقاتل سكان حينا الذي فضلوا الوقوف إلى جانب النظام، بدلاً من مساندة أهلهم"، موضحاً: " قسم كبير من الشباب من العائلات العلوية والشيعية، الذين كانوا أصدقائي، أصبحوا في اللجان الشعبية، وكثير من أصدقائنا قتلوا برصاصات قناصاتهم المنتشرة عند مداخل الحي، أو بقذائف الهاون".

ويضيف أنور:" اللجان الشعبية ارتكبت العديد من المجازر بحق الباقين من السكان، عائلات بأكملها ذبحت وسرقت منازلها، وعمليات اعتقال كثيرة حدثت بسببهم".
يتوسط حي تشرين مثلث مناطقي مشتعل، يشمل برزة والقابون وحرستا، وله مدخل من هذه المناطق الثلاث، ومعظم ساكنيه من محافظات وطوائف مختلفة "سنة، شيعة، علويون".

يعتبر الحي على تماس مباشر مع ثكنة القابون العسكرية، ومتاخم أيضاً لبساتين برزة القريبة من مشفى تشرين العسكري، ما جعل منه موقعاً حساساً.

علاء الملقب بأبو جعفر، انضم إلى اللجان الشعبية بعد مقتل أخيه أحمد على يد مقاتلي المعارضة، ومن وقتها، قرر أن يثأر، بقتل أكبر عدد من السكان الموجودين على الطرف الآخر من الحي.

يؤكد أبو جعفر:" لن أتردد في قتل أي شخص موجود في المنطقة التي يسيطر عليها إرهابيو المعارضة، سواء كان مدنياً أو مسلحاً، فجميعهم لعبوا دوراً في مساندة الإرهابيين، دم أخي لن يذهب سدى، ولن أسامح من كان يوماً صديقي".

    

المدنيون هم المتضرر الأكبر

شهد حي تشرين موجة نزوح جماعية في تموز عام 2012، عندما حاصرت قوات النظام مدخله الغربي، وأمرت جميع السكان بمغادرة منازلهم، بعد أن هددت بقصف المكان خلال 24 ساعة.

المنطقة الشرقية من الحي القريبة للقابون، والتي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة، أصبحت شبه خالية، إلا من بعض العائلات السنية التي لم تجد مكاناً آخر تأوي إليه، في حين بقي معظم السكان بالمنطقة الغربية من الحي عند مدخل برزة، في بيوتهم، حيث يسيطر النظام.

وأصبح فرن الخبز الموجود وسط الحي، نقطة الفصل بين مقاتلي المعارضة، واللجان الشعبية من أهالي المنطقة.
عمليات سرقة وحرق للبيوت والمحال التجارية، حدثت في المكان منذ ذلك الوقت، حيث أقدم مقاتلو المعارضة على حرق محل أبو صفوان "العلوي"، بعد أن نزح مع عائلته إلى اللاذقية.

في الوقت نفسه، قامت اللجان الشعبية المسيطرة على القسم الغربي، بسرقة وحرق الكثير من البيوت والمحلات، لأصحابها السنة الذي نزحوا إلى مناطق أخرى، كما يروي أبو عدنان أحد سكان الحي، الذين نزحوا إلى مساكن برزة.

يتساءل الرجل في حديثه مع روزنة:" شو ذنبنا نتشرد بسبب كم أزعر نزعوا علينا عيشتنا، وحملوا السلاح بوجه بعض بعد ما كانوا أخوة وأصدقاء؟".

أسامة أحد الأشخاص الذين عادوا للحي بعد تفعيل هدنة برزة، يتحدث عمّا تغيّر بعد عودته:" وجدت قسماً كبيراً من أغراض منزلي مسروقة، وكذلك منازل الجيران، لم يميز لا المسلحون ولا النظام، بين منزل شيعي أو علوي أو سني، جميعنا كنا ضحية لما يحدث".

 ويتابع أسامة": عمليات قنص يتعرض لها من عاد للحي أثناء تواجدهم على أسطح منازلهم، المنطقة ليست آمنة على الإطلاق، ولكنها أفضل من التشرد بلا منزل".

شهد الحي هدوءً حذراً، بعد التسوية التي حدثت في برزة وامتدت بشهر نيسان الماضي، وامتدت إليه. قليل من العائلات عادت إلى منازلها، ولكن عمليات القنص بقيت مستمرة، أما أنور الذي أصبح أسمه أبو بكر، وعلي اللذي صار ملقباً بأبو جعفر، مازالا مسلحَين، بعد أن تحولت الصداقات إلى حرب، وقودها الثأر والطائفة.


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق