في الوقت الذي يبتعد فيه الناس عن القنابل، يبحث عنها أبو محمد جاهداً، ليقوم بتفكيكها، رغم أنه لم يمتلك خبرةً سابقةً في هذا المجال، كان يعمل موظّفاً في مؤسسات النظام الخدميّة، وبعدما مشاركته بالحراك السلمي في بداية الثورة السوريّة، عاقبه النظام بقطع مرتبه الشهري، فاضطر لترك وظيفته، ليبدأ نشاطه الثوري بطريقته الخاصة.
يقول أبو محمد "بعد أن حرمني النظام مرتبي بسبب مشاركتي في الثورة، اخترت طريقاً لمساعدة المدنيين من آثار القصف الذي يتعرضون له من قبل النظام، فالقنابل العنقودية هي خطرٌ على أهالي بلدتي وأطفالها ومزارعيها، فأعمل جاهداً على إزالة القنابل العنقودية، وإبعاد الخطر عنهم".
من يعرف أبو محمد يدرك مدى خطورة عمله في البحث عن المتفجّرات وتفكيكها، فاستخراج المواد المتفجرّة ليس بالأمر السهل ويحتاج الخبرة الكبيرة، لكنه كسر قاعدة الخوف وفكّك مئات القنابل العنقودية، التي رماها النظام على الريف الشمالي لمدينة حلب.
بعد تفكيك القنبلة العنقودية، يقوم أبو محمد بإعطاء البارود المحشو لفصائل الجيش الحر، إيماناً منه في مساعدتهم قدر المستطاع، فيما يقوم ببيع الخردة المتبقيّة ليؤمن قوت عائلته.
أصيب أبو محمد أثناء محاولته تفكيك قنبلة عنقودية في مدرسةٍ للأطفال، نجم عن إصابته تلك، شللٌ جزئي في يده ورجله، تحدثنا زوجته وهي صابرةٌ وراضية بما آل إليه حال زوجها حيث تقول "خرج زوجي في سبيل مساعدة أهالي بلدته، ونحن نشكر الله على ما آل إليه حال زوجي بالرغم مما حصل له".
ويخبرنا ابن أخيه الصغير عن بطولة عمّه، في تفكيك القنابل الفوسفوريّة أيضاً، فيصف المشهد بالمخيف بعد أن رافقه وشهد بنفسه على أكثر من 15 عشر قنبلة نجح بتفكيكها، بالرغم أنها خطيرةٌ لدرجة إن لامست الجسم تسبب له حروق من الدرجة الرابعة.
يعتبر العم أبو محمد أنّ عمله هذا مكرسٌ للدفاع عن أرواح أبناء بلدته، لكنّه ماذا سيفعل لوحده أمام الكم الهائل من القنابل العنقوديّة التي تسقط على مدن وبلدات الريف الشمالي بشكلٍ مستمر؟