هل يكفي القضاء على تنظيم البغدادي؟

هل يكفي القضاء على تنظيم البغدادي؟
القصص | 10 سبتمبر 2014

بعد الغارات الجوية الأميركية في العراق ضدّ تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" بزعامة أبو بكر البغدادي، ارتفعت أصوات سوريّة، من داخل النظام كما من الائتلاف المعارض، تطالب بتوسيع نطاق العملية لتشمل مواقع التنظيم داخل الأراضي السورية. اليوم يحاول كل طرف تسويق نفسه كشريك أو حليف لا غنى عنه لإنجاح مهمّة التحالف الدولي الذي يحشده الرئيس الأمريكي باراك أوباما لضرب التنظيم الإرهابي.

لا شكّ أن مكافحة الإرهاب وتطويق خطر مجانين الجهاد العالمي حاجة سوريّة وإقليميّة ودوليّة ملحّة. فخطر هذا المشروع حالّ وداهم ولا يقتصر على المنطقة، كما لن يقف أصحابه عند حدودها حال نجاحه. وقد بدأت العديد من الدول الأوروبية العمل فعلاً على اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة للتعامل مع عودة المئات من مواطنيها المنتشرين اليوم في ساحات الجهاد.

 غير أنّ ثمّة نقص ما، أو ربّما شيء من التناقض، يعتري استراتيجيّة هذا التحالف وتدفع للتساؤل عن جدّيته، أو قدرته على تحقيق هدفه المزعوم في محاربة الإرهاب الذي تمارسه التنظيمات الجهادية. فالتصريحات الأوروبية والأميركية على السواء تتمحور حول خطر تنظيم البغدادي دون سواه، وكأنّه العنوان الأوحد للسلفية الجهادية في سوريا. ماذا عن تنظيمات تنهل في فكرها ومنهجها من معين السلفية الجهادية نفسه، وإن اختلفت أولوياتها الحالية عن "الدولة الإسلامية" أو "القاعدة"، مع اشتراكها معهما في الهدف النهائي: "الحكم بما أنزل الله"، والذي لا بدّ لتحقيقه من عودة "الخلافة الإسلامية"؟

من تلك الجماعات، تمثيلاً لا حصراً، "الجبهة الإسلامية السورية"، التي ظهرت أواخر عام 2012، باجتماع أحد عشر فصيلاً متطرّفاً. وتعدّ من أقوى الجماعات الجهادية المسلّحة وأوسعها انتشاراً على الأراضي السورية، إذ يُعتقد أنّ عدد مقاتليها يفوق ثلاثين ألفاً. يتزعمها حسان عبود المعروف بأبي عبد الله الحموي (الذي قتل أمس في تفجير استهدف اجتماعاً لقادة الجبهة)، والذي سبق له "الجهاد" في العراق، وهو قائد التنظيم الأكبر في الجبهة، "حركة أحرار الشام الإسلاميّة". من أعضاء الجبهة أيضاً "كتائب أنصار الشام"،  "لواء الحق"، "جيش التوحيد"، "لواء مجاهدي الشام"، وجميعها تنتمي إلى السلفية الجهادية.

تعمل "الجبهة الإسلامية" بشكل منفصل عن "الجيش الحر، وترفض الخضوع لقيادته العسكرية أو لمظلته السياسية (الائتلاف المعارض). كما ترفض مبايعة تنظيم "القاعدة" رغم تعاونهما في بعض العمليات. وخاضت عدة مواجهات ضدّ "الدولة الإسلامية"، واستعادت بعض المناطق التي سيطرت عليها الأخيرة في أرياف حلب وإدلب على حساب "الجيش الحر، وقد سعت الجبهة إلى الترويج لنفسها كقوة إسلامية "معتدلة" مقارنة مع "الدولة الإسلامية".

من جهتها تنشط "القاعدة" في سوريا منذ مطلع عام 2012، تحت اسم "جبهة النصرة لأهل الشام" بزعامة أبي محمد الجولاني، ولم تتأخر الإدارة الأميركية في إدراجها على لائحة الإرهاب، وذلك قبل إعلان النصرة صراحةً ارتباطها بالقاعدة. وقد استنكر المجلس الوطني المعارض الإجراء الأمريكي معتبراً "النصرة جزءاً من ثورة الشعب السوري"!

كل ذلك سبق وقوع الخلاف بين الجولاني والبغدادي، وإعلان الأخير إنشاء "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، في التاسع من نيسان/ أبريل 2013. حينها انحاز زعيم القاعدة، أيمن الظواهري، إلى جانب الجولاني معلناً أنّ "جبهة النصرة" هي الفرع الرسمي لـ"جماعة قاعدة الجهاد" في سوريا وتتبع "القيادة العامة" أي الظواهري. ومعلوم أنّ البغدادي وجماعته لم يرضخوا لقرار الظواهري، حتّى أنّ الناطق الرسمي باسم "الدولة الإسلامية"، أبو محمد العدناني، تجرّأ على الظواهري في رسالة بعنوان "فذرهم وما يفترون"، معتبراً أن قراره "خاطئ ومؤدٍ للفتنة". واستمرّ خروج "الدولة" عن عباءة القاعدة، التنظيم الأم، وصولاً إلى إعلان "الخلافة الإسلامية".

والسؤال الذي لا يجيب عليه التحالف الأوبامي: هل يجبّ إرهاب "الدولة الإسلامية" ما قبله، فيسقط عن "جبهة النصرة"، الفرع الرسمي للقاعدة صفة الإرهاب، وبالتالي يخرج من حسابات الضربات الأمريكية أو عمليات التحالف الجديد المقبلة؟ وهل يقل خطر السلفيين الجهاديين المحليين عن أقرانهم من حملة راية الجهاد العالمي؟


مقالات الرأي لا تعبر بالضرورة عن توجهات روزنة


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق