مصطفى دباس_ دمشق||
يستعد أحمد لإجراء امتحانات القبول في كلية الفنون الجميلة لدمشق، والتحق من أجل ذلك بدورة تدريب خاصة. يقول أحمد لروزنة: "أمارس الرسم ولدي موهبةٌ، ولكن الدورات مهمةٌ، لأنها تركز على مهاراتٍ معينة تفيدنا في فحص القبول، ومعظم أصدقائي الذي قاموا بها سابقاً قد تم قبولهم في سنوات سابقة".
تشهد كلية الفنون أيضاً، دورات خاصة يقوم بها أساتذة الكلية لقاء رسوم يدفعها المتقدمون، ويفضل الكثير من الطلاب أن يلتحقوا بدروات الجامعة، لأنهم يعتبرونها بطاقة قبول "سلفاً" في الكلية. ويروي محمود الذي التحق بدورة الكلية: "سرت شائعاتٌ بأن الأساتذة سيقبلون جميع الطلاب المتقدمين، ممن سيشاركون في هذه الدورة التدريبية، وأنا أرغب بشدةٍ بذلك ولن أفوت هذه الفرصة أبداً".
يقيم الفنان التشكيلي عدنان حميدة، دورات تقويةٍ في مرسمه الخاص، بمنطقة صحنايا في ريف دمشق، يستقبل سنوياً حوالي ثلاثين طالباً، ويقول أنه يضمن نجاح تسعة من كل عشرة طلاب، في اجتياز امتحان القبول الأول والثاني، "لأني أركز بشكلٍ كبيرٍ على مهاراتٍ معينة تطلب في الامتحان، ولكن ينبغي على الطالب أن يرسم لمدة تتجاوز العشر ساعات يومياً خلال أيام الدورة".
قوانينٌ غير منصفةٍ ومحسوبيات
تظهر مشكلةٌ أخرى يعاني منها كثيرٌ من الطلاب، فبعد القرارات التي أصدرتها الكلية، والتي تقضي بأن علامات الامتحان الأول والثاني غير مهمة، إذا كان المعدل الذي حصل عليه الطالب منخفضاً في الشهادة الثانوية. ما يعني أن الناجحين في امتحانات القبول، قد يرفضون بسبب معدلهم وليس بسبب موهبتهم.
ويقول الفنان حميدة: "يجتاز فحص القبول كل سنة حوالي 900 طالب، وهؤلاء تتم المفاضلة بينهم بناءً على معدلاتهم في الشهادة الثانوية، والأولوية تكون لذوي المعدل الأعلى، ليقبل في النهاية حوالي 400 طالب، وبناء عليه فإن الطالب الحاصل على علامة أقل من 170 في الشهادة الثانوية، لن يتم قبوله في كلية الفنون حتى ولو كان بيكاسو، وهذا شيءٌ مؤسفٌ لأن معظم الطلاب الموهوبين قد يكون تحصيلهم الدراسي غير جيد".
التقت روزنة عدداً من طلاب كلية الفنون الجميلة الحاليين، وأكد معظمهم أن الواسطة والمحسوبيات تلعب دوراً مهما في قبول بعض الطلاب، "حتى ولو كانوا لا يعرفون كيف يمسكون قلم الرصاص"، ولكن اتفق الجميع على أن الموهبة الحقيقة تفرض نفسها بقوةٍ.
تحدث بعضهم عن عمليات غش تحدث في قاعة امتحانات القبول، حيث يدخل أحد الأساتذة ليضع إشارةً على ورقة أحدهم، وهذا كافٍ لنجاحه، في حين قال آخرون إن جميع الأوراق يتم تصليحها في يومٍ واحد، أي ما يتجاوز خمسة آلاف ورقةٍ، وهذا قد يظلم الكثير من الطلاب، لأن التصحيح يكون أحياناً على مزاج الأستاذ.
الحلم يستمر
بعض الطلاب ممن يمتلكون الموهبة، وتم رفضهم في سنواتٍ سابقةٍ، لم يتوقف الحلم لديهم، حيث تابعوا عملهم في مجال الفن بشكلٍ فردي، ومنهم الفنان مرهف يوسف الذي تم رفضه عام 2002 لأنه لم يلجأ إلى الواسطة على حد قوله، "لم يتوقف حلمي على الاطلاق، ولكني أشعر ببعض الظلم لأن الشهادة قد تكون مفيدةً للعمل في الخارج أو لإكمال الدراسة، أما هنا فلا فرق، فمن يمتلك الموهبة الحقيقية ليس بحاجةٍ لأية شهادة، ولكني أحزن كثيراً على الطاقات التي تهمل ولا تستثمر والأمثلة كثيرةٌ على ذلك".
يذكر أن مرهف يوسف مختصٌ في مجال الكاريكاتير والرسوم المتحركة وفن الطفل، ولديه العديد من الأفلام القصيرة، أهمها فيلم "بحيرة الوجع" وفيلم "تماس حضاري"، كما أنجز العديد من الإعلانات التجارية المصورة على طريقة الرسوم المتحركة، وشارك في معارض دولية في ألمانيا وإسبانيا ورومانيا والهند، وحصل على العديد من الجوائز. وهو ما يدل على وجود خلل واضح في نظام قبول المتقدمين إلى كلية الفنون الجميلة.