يتحدث سعيد صاحب إحدى المكتبات، عن بعض الأسباب التي أبعدت الناس عن شراء الكتب، "قبل بداية الأزمة كانت المكتبات تغص بالزائرين، فالمكتبات هنا في سوق الحلبوني، كانت تفتح أبوابها من الساعة التاسعة صباحاً، حتى منتصف الليل تقريباً، أما الآن فالوضع مختلفٌ كلياً، ساعات العمل باتت أقل، والزبائن أعدادهم تنخفض باستمرار، بسبب غلاء الأسعار". ويشير إلى أن أسعار الكتب تضاعفت ثلاث مرات، بسبب ارتفاع ثمن الورق والحبر وأجور الطباعة والتغليق و الشحن.
الكتب الإلكترونية
لم تعد المكتبات تغص بالزائرين وبطلاب المدارس والجامعات، كما كانت في السابق، فالأسباب باتت معروفةً، حسبما أوضح لنا عبد الرحمن أحد طلاب جامعة دمشق، "فيما مضى كانت أسعار الكتب والروايات لا تزيد عن خمسمئة ليرة سورية، الآن وبعد ارتفاع أسعار الكتب بشكلٍ كبير، وصل ثمن الكتاب إلى ألف وخمسمئة ليرة تقريباً، ولم نعد نقوى على تحمل هذه الأسعار، لأن معظم الطلاب هم من العاطلين عن العمل، وقسم كبير منهم من خارج العاصمة، يسكن في بيوتٍ وغرفٍ مستأجرة، لهذه الأسباب استعضنا عن الكتب الورقية بالكتب الالكترونية".
عددٌ من المكتبات تم إغلاقها، لعدم قدرة أصحابها على الاستمرار بالعمل في هذه الظروف القاسية، فيما قام بعض أصحاب المحلات الأخرى بتخفيض أعداد العاملين لديهم، أو بالاعتماد على طرقٍ ووسائل مختلفة لزيادة دخلهم .
"الكثير من المكتبات ليست ملكاً لأصحابها إنما مستأجرة، وكما يعلم الجميع فإن أجار المحلات والمنازل ارتفع بشكل كبير، ناهيك عن فواتير الكهرباء والماء والهاتف والضرائب، فمن لم يستطع تحمل كل ذلك، من المؤكد أنه سوف يغلق محله، ويتجه للعمل في مجال آخر يعيش منه، بالنسبة لي كان لدي خمسة موظفين حاولت الإبقاء عليهم، وبعد مرور عام على الأزمة، اضطررت لفصل ثلاثة موظفين لتخفيف بعض النفقات" بحسب ما قاله لنا سعيد.
مكتبات الأرصفة
على بعد خطواتٍ من جامعة دمشق، تنتشر ظاهرة مكتبات الأرصفة، بالرغم من أن أسعارها لم ترتفع كثيراً، إلا أنها تعاني هي أيضاً من قلة الزبائن، حسبا يؤكد هشام وهو صاحب إحدى تلك المكتبات. ويضيف: " مازلنا نبيع كتباً نادرةً وفريدةً، اضطر أصحابها لبيعها للتخلص منها، وربما جهلاً بقيمتها، ومنها ما هو قديم لا يقدر قيمته سوى زبون يبحث عن شيء نادر، ولكن للأسف لم نعد نرى هؤلاء الزبائن".
تقول آية وهي طالبةٌ جامعية " نأتي إلى هنا لنشتري كتباً ومراجع، رخيصة نحتاجها في حلقات البحث، ولكننا لم نعد نرى تلك الزحمة الكبيرة على شراء هكذا كتب".
تغدو مكتبات دمشق هذه الأيام شبه خاوية، إلا من بعض الطلاب وبعض المهتمين بكنز اسمه "كتاب".