السويداء: ترحيبٌ درزي بالأسر النازحة

السويداء: ترحيبٌ درزي بالأسر النازحة
تحقيقات | 02 أغسطس 2014

السويداء - محمد أحمد السلطان ||
لا يكاد يمرّ يوم، إلّا وتشيع فيه محافظة السويداء أحد أبنائها، الذين قتلوا في مناطق أخرى من أنحاء سوريا، وفي الوقت ذاته تحتضن المحافظة الكثير من العائلات السورية الهاربة من العنف، الأمر الذي ولد مشاعر متناقضة لدى البعض، يطغى عليها الغضب أحياناً، دون أن تتطور إلى أفعالٍ انتقاميةٍ ضد الأسر النازحة من مناطق ذات غالبية سنية.
ويعبر أبو فارس الرجل الستيني، والذي قتل ابنه في درعا عن هذا الإحساس بقوله "نحتضنهم في بيوتنا ويقتلون أبنائنا، هم السبب فيما وصلنا إليه ". 
ولكن يبدو أن حديث أبو فارس لا يعدو كونه " فورة دم"، فثمة إحساسٌ عالٍ بالتعاطف معهم، عبرت عنه السيدة أم حسن التي أبدت غضبها على من تسبب لهؤلاء السوريين بترك بيوتهم، للنجاة بأبنائهم من القصف والموت.
في حين يرى الشاب الأربعيني خالد ملاعب أن "هذا الخليط المتنوع يفسح المجال لتغيير الصورة السلبية المأخوذة عن موقف السويداء من الحراك ، ويساعد على فهم خصوصية المحافظة وموقفها".

     
النازحون أكثر عددياً من سكان المدينة.. 
الأرقام الرسمية للنازحين لا تتجاوز 120 ألف لكنها لا تعطي صورةً دقيقةً -مقارنةً بمصادر المعارضة والناشطين - الذين يقولون بأن عدد العائلات السنية النازحة، بات يفوق عدد سكان المحافظة .
العائلات السنية القادمة من مختلف المحافظات السورية. تتوزع في مراكز الإيواء الرسمية (معسكر الطلائع 15 جنوب السويداء . وفي منطقة رجم الزيتون و المشورب في مدخل السويداء الشمالي . والمنصورة غرب السويداء وفي المنطقة الصناعية بمدينة شهبا وبلدة شقا ومطرانيات خربا السويداء). إضافة إلى الانتشار في المدينة و الريف عبر بيوت مستأجرة.
ويقع عبء العمل الإغاثي لهذه الأسر على المجموعات الأهلية والخيرية والهلال الأحمر والمطرانيات والكنائس، إضافة إلى الناشطين ممن يؤيدون الثورة ضمناً وقد وجدوا في العمل الإغاثي متنفساً.

    
الوضع الاقتصادي
النازحون السنة غالبيتهم من الأسر المتوسطة الدخل والميسورة نوعاً ما، لكن هذا لم ينعكس اقتصادياً على حياة المحافظة بشكلٍ ملحوظ، بل بقي في إطار مشاريع صغيرة وفردية أثارت ريبة وسط شباب السويداء، عبر عنها سامر بقوله "كيف يستطيع هؤلاء العمل في هذه الأماكن" في إشارة إلى بسطات صغيرة على الطرقات ..؟
ويعبر أبو محمود القادم من درعا عن ارتياحه وسط أبناء السويداء، بعد أن استأجر محلاً لبيع الخضار والفواكه، ووجد ملجأً لأسرته من القصف. ويروي أبو أحمد قاسم النازح من حلب منذ ما يزيد عن السنة، كيف استقبل بحفاوة وتمت مساعدته وعائلته من قبل الناشطين.


هربت أم محمد مع بناتها وزوجها العاجز وزوج ابنتها من قرية حران العواميد في الريف الدمشقي إلى السويداء: "لم أزر هذه المدينة من قبل سمعت كثيرا عن الدروز ووجدتهم طيبين، وقد أصبح لدي علاقات معهم، لكن البعض منهم استغل الأزمة"، في إشارة إلى ارتفاع أجرة البيت الذي تستأجره 35 ألف. 
موقف دروز السويداء في العموم مرحبٌ بالعائلات السنية ، وإن وجدت فئاتٌ قليلةٌ ترى في هذه الأعداد الكبيرة ما يزيد من أزمات عدم توفر الخبز، والوقود، وارتفاع إيجارات البيوت.
فضلاً عن بروز مخاوف مستجدة في الأوساط الشبابية الدرزية، التي باتت اليوم بين مطرقة الحاجة وسندان النظام . تعد السويداء اليوم نموذج لسورية مصغرة تلتقي فيها الطوائف على مائدة التعايش، فهل يكون ذلك مقدمةً لتعايش أكبر بعيداً عن الأحقاد والضغائن على مستوى سورية كلها؟


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق