الدولة الإسلامية تدخل خارجي

الدولة الإسلامية تدخل خارجي
القصص | 02 أغسطس 2014

لا يمكننا فهم حركة الدولة الإسلامية وبنيتها، وفعاليتها العسكرية وغير العسكرية، إلا انطلاقاً من فهمنا للنظام الدولي وطريقة حضوره في المنطقة. 
كتب السوريون الكثير عن الدولة الإسلامية وأصلها وفصلها. منهم من اتهمها أنها صنيعة إيران والأسد، ومنهم من اتهمها أنها صنيعة دول الخليج، ووصل بعضهم لاتهامها بأنها صنيعة أمريكا. خاصة أن الدولة الإسلامية اربكت اللوحة الجهادية العامة، بتكفيرها لأيمن الظواهري أي أنها على عداء مع القاعدة وفروعها، ودخولها بمواجهات تارة وتحالفات تارة أخرى- حسب المنطقة والأهداف- مع من يسمون أنفسهم أنهم فرع القاعدة في سوريا، أقصد جبهة النصرة بزعامة أبو محمد الجولاني. التي هي أيضاً تدخلاً خارجياً، كتبت عنه منذ لحظة إعلانها عن وجودها داخل سوريا. 
إذاً يمكننا الحديث عن ثلاثة اتجاهات حكمت التفكير بالدولة الإسلامية وممارساتها، الأول: فهم الدولة الإسلامية في العراق والشام، من خلال الإسلام بعيداً عن منظومة العلاقات الدولية وراهنها وشروطها، هذا الاتجاه في الواقع هو الأكثر تثاقفاً والأقل خصوبة في قراءة الحدث، حيث يبدأ بالرجوع للنص الإسلامي، ويعود لتدارك ما لم يتم تداركه!! من تأويلات على هذا النص، وفي تجربته منذ 1400 عام وحتى الآن، باحثاً بين دفاتر التاريخ المكتوب والشفهي- كي يجد مستنداً يشيطن المسلمين بتميز عنصري كاره عن بقية الأديان، رغم أن غالبية شعوب الأرض بأديانها عاشت حروباً دينية بين طوائفها، مستندة على نفس النص الإنجيلي أو خلافه كتجربة أوروبا مثلاً- أو على أحداث تاريخية جرت في التجربة الإسلامية، كما أنه أخذ في طريقه ما يعتبره فتحاً أيضاً أن الطائفية هي منتج إسلامي أيضاً حصرياً، حيث تصبح مهمة التأويل هنا إنتاج الحاضر وفقاً لمقدمات مسبقة نتاج الحاضر، أريد لها أن تشيطن الضحية تحت مسميات كثيرة، منهم من اعتبرها أيضاً نسخة خلافة عن الإسلام السياسي وما يريده، رغم أنه في تاريخ التجربة الإسلامية لم تمر مثل هذا النوع من الخلافة!! لأن هذه التجربة منذ عهد عمر بن الخطاب لم تشهد سوى دولة دنيوية. 
الاتجاه الثاني: غير معني في البحث عنها اساساً، لأنها جاءته رحمة لكي يبرر وقوفه مع القاتل الأصلي ويتهمها بالطائفية والقتل فقط من أجل أن يقول هذه هي الثورة السورية، رغم أن الدولة الإسلامية حتى اللحظة لم تؤذي القاتل الأسدي والإيراني على المستوى السياسي، بل العكس هو الحاصل، حيث سلوك داعش يجعل جريمة الأسد تُلاك غربياً ودولياً بطريقة تغطيها، ليس لأن الغرب لا يعرف بل لأنه يريد ذلك. يريد سوريا جرحاً نازفاً إلى حين. هذا الاتجاه تجده لدى الفعاليات السورية التي تجد مصلحتها في تبرير جريمة الأسد أو الوقوف معه، أو الدفاع عنه، أو حتى تمرير دعوتها الدائمة للحوار معه، لكي تعيد إنتاج سلطته وتطمس معالم جريمته. 
الاتجاه الثالث: أعادها لعمل أجهزة الاستخبارات لدى الدول المؤثرة في المنطقة عموماً وفي سوريا خصوصاً. كاأمريكا وإيران وتركيا والخليج والمخابرات السورية. مسارب النظام الدولي غير المعلنة وقنوات غير مراقبة من قبل المؤسسات الدولية، ويعيد إلى الأذهان تجربة تأسيس القاعدة في افغانستان من قبل أمريكا وبعض الدول الخليجية. قرارات آنية لبعض الإدارات في القوى الدولية، من مثل تمرير" الأسلحة الفتاكة"!! للقاعدة نفسها آنذاك، قبل أن تتحول القاعدة إلى عدو متحرك لأمريكا. أو لتمرير صفقات لزوم معارك سياسية آنية داخلية وخارجية، غض طرف أمريكي عن تمدد التنظيم في العراق يعيدونه للمفاوضات الجارية بين إيران والغرب. إذا كانت كل هذه الاتجاهات تحاول أن تقدم تأويلاتها، فإن داعش في النهاية هي تدخلاً خارجياً في سورية، وقادتها وخليفتها ليسوا سوريين. تدخلاً خارجياً تستفيد منه كل الأطراف القاتلة، ما عدا الشعب السوري، وخاصة الحاضنة الشعبية للثورة هي من وقع عليها جريمة هذا النوع من التدخل السافر. 
جرائم الدولة الإسلامية طالت الجيش الحر وكل ما بنته الثورة قتلاً وتدميراً. لكنها بفضل الأسد وإيران تحولت إلى غول يشبه غول القاعدة بالنسبة لأمريكا. يبقى المتضرر شعبنا وحريته.


مقالات الرأي لا تعبر بالضرورة عن رأي روزنة 


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق