إرادة الحياة غيرت حماة هذا العام

إرادة الحياة غيرت حماة هذا العام
تحقيقات | 29 يوليو 2014

خالد هربش_ حماة||


لم يعد للعيد كطقس عائلي تجتمع فيه الأسرة أي معنىً،  بالنسبة لعبيدة عامر من مدينة حماة، فهو لا يشعر بمتعة أجوائه الخاصة كما في السابق، بل إن المدينة بأكملها عاشت العيد كما لم تعشه من قبل، خلال السنوات الثلاث الأخيرة. 

يقول عبيدة"22 عاما"  لروزنة: "في الأعياد قبل الأحداث كانت العائلة تجتمع بشكل مستمر، وكانت السهرات تمتد حتى الصباح، والشوارع تعج بالناس مهما تأخر الوقت، أما خلال السنين الثلاث الماضية كان العيد مجرد زيارات سريعة نهارية مليئة بالخوف والحذر". 

يصف عبيدة حال المدينة ليلاً في الأعياد السابقة، فلم يكن ممكناً لأحد أن يخرج من منزله، وإن حاول فاحتمال عدم عودته كبير، ويضيف: "نحن كشباب حرمنا الكثير من السهرات والجلسات، وحتى إن حاولنا فلن نجد أي مطعم أو مقهى يستقبلنا، لأن أصحاب هذه الأماكن غير مستعدين للمخاطرة في ظل هذا الوضع المشحون". 
عبد الرحيم كيلاني "45 عاماً" أحد أصحاب المطاعم في المدينة، أكد أن إمكانية فتح المطاعم والمقاهي مستحيلة ليلاً، سواءً في العيد أو في الأيام العادية، لذا كان استقبال الزبائن خلال ساعات النهار فقط، ويضيف: "الناس كانت تخاف الخروج ليلاً، ونحن تعرضنا لتهديدات بحرق المطاعم إن لم نغلقها، حاولنا عدة مرات لكننا فشلنا، أما هذا العام فالوضع اختلف". 
العيد هذا العام أتى بعد رمضان مختلف لم تعشه المدينة منذ بدء الصراع ، فقد استعاد رمضان أجواءه وعاد النشاط الليلي إلى المدينة، حيث تزامن الشهر مع أجواء المونديال، الأمر الذي نشّط المقاهي والمطاعم ليلاً، والمحال التجارية عادت لتفتح أبوابها، والناس بدأت تتشجع، ما جعل العيد هذا العام يستعيد بهجته بحسب ما قالت ريما "23 عاماً" لروزنة، وأضافت: "العيد هذا العام اختلف، فأجواء العيد عادت، والأمر ظهر منذ اليوم الأول من ناحية اللقاءات والزيارات، والاحتفالات في الطرق، حتى المطاعم والمقاهي باتت تستقبل الزبائن ولأوقات متأخرة، والأمر نفسه كان في رمضان، والأمر يعود لرغبة سكان المدينة باستعادة حياتهم الطبيعية". 


 السكان بالتعاون مع وجهاء المدينة وأصحاب المحال،  كانوا قد اتفقوا على إعادة النشاط إلى المدينة ليلاً، وبحسب ريما فالأسواق كانت في رمضان مزدحمة، واليوم احتفالات العيد انتشرت في الشوارع، إضافة لألعاب الأطفال التي باتت تنتشر في جميع أرجاء المدينة. وكانت حملات قد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو لإعادة الحياة إلى طبيعتها ليلاً في مدينة حماة، وإعادة الأسواق والمقاهي إلى نشاطها.
يشير عبيدة إلى أن المواصلات في المدينة باتت متوفرة ليلاً، وبأن الحواجز العسكرية التابعة لقوات النظام،  باتت تسهل حركة السكان داخل المدينة، الأمر الذي شجع  الناس على مزاولة حياتهم الطبيعية، كما كانت قبل الأحداث، ويقول: "العيد هذا العام عاد كما كان، كل ما حرمنا منه في الثلاثة أعوام التي مضت بات اليوم موجوداً، المدينة باتت بوضع أفضل". 
النازحون في المدينة كانت لهم حصة في العيد، فريما أيضاً متطوعة مع برنامج الأمم المتحدة لرعاية الطفولة، وقالت لروزنة: "حرص السكان وكذلك الجمعيات على التوجه إلى مراكز الإيواء في المدينة ومعايدة الأهالي، وخصوصاً الأطفال، ونظمت حملات للترفيه والهدايا، خصوصاً أن نازحين كثراً قصدوا المدينة عشية العيد بعد الأجواء الهادئة التي عشناها خلال رمضان". 
رغم التقدم الذي أحرزته إرادة الحياة في المدينة، وأرغمت جميع الأطراف على احترامها،  لا زال القلق يخيم على المدينة خوفاً من مفاجآت لا يُعرف وقتها أو مسببها، خصوصاً أن المعارك في الريف تقترب شيئاً فشيئاً بعد وصولها إلى منطقة خطاب في محيط مدينة حماه.

 


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق