الاخوان المسلمون ونقد الذات

الاخوان المسلمون ونقد الذات
القصص | 01 يوليو 2014


الدخول في حوار مع الأصدقاء الإخوان المسلمين صعب وشائك، ليس لأن الشباب لا يفضلون الحوار، بل وبصراحة تامة كما يقول المثل الشامي( ما بتاخذ منهم لا حق ولا باطل) على طريقة دخولهم تشكيلات المعارضة، وحضورهم داخلها، مرة مستقلين ومرة إخوان ومرة شخصيات وطنية، ولسان حال بعض من يردون عليك في حوارتنا الداخلية وغير الداخلية بالقول:( أنا لست أخوان لكن هم كذا وكذا.. يتضح أن الرجل ليس إخوانياً وحسب بل متعصب للإخوان!) أيضا الخلاف الحلبي- الحموي داخل صفوفهم، يجعل المرء أحيانا في دوامة. مثال في كثير من المحطات، تجد حضور الطرفين بشكل مختلف، داخل أطر المعارضة، حيث يصوت كل طرف لجهة!! تصل الأمور أحياناً إلى أن كل طرف يريد تمثيلاً!. ما هو الخلاف؟ تحاول معرفته لكن محال!. يضاف إلى ذلك حولهم ثلة من الإسلاميين المستقلين!! أو الذين تركوا الإخوان، في تبادل مصلحي أحياناً يعطي انطباعاً سلبياً، أكثر مما يشير إلى شعبية الجماعة. حاولت إثارة حوار قبل كتابتي لهذه المادة، ونشرت بوستاً على صفحة المجلس الوطني الداخلية:
" الأصدقاء في الإخوان المسلمين السوريين كل شيء حدث في الربيع العربي عموماً وسوريا خصوصاً، لايزالوا على نفس الخط والنهج والممارسة والخطاب والمفردات حتى..يعني ما في شي خطأ". فجاءت هذه الرودود، من بعض الأصدقاء في الإخوان وغيرها، لكنها تختصر رؤيتهم ومعاناتهم،  ربما مع التيارات الأخرى، وانتقادهم لهذه التيارات .
الأستاذ ملهم الدروبي قيادي في الاخوان: "كل أخطاء الثورات العربية سببها الإخوان. العلمانيون والانقلابيون هم المنقذون للأمة من جرائم الإخوان، مرسي وسيسي نموذجاً، تحيى العدالة تحيى الموضوعية!!".  نتحدث عن سوريا ينقلنا لمصر، ولهذا تبعاته..!
الأستاذ عمر مشوح مسؤول إعلامي في الاخوان:" أنا أتفق مع الأخ غسان أن المراجعات والنقد الذاتي أمر مطلوب ومهم لبقاء الجماعات على قيد الحياة . وبعض الأحيان المتغيرات تفرض مراجعات تلقائية تظهر مباشرة في الممارسة المراجعات والنقد الذاتي ليس عيباً أو شي نخجل منه .. لكن يجب ألا ننسى أن الجماعة الوحيدة التي قامت بمراجعات وتغييرات في الخطاب والنهج هم الإخوان من بداية ٢٠٠٠ حتى الآن .. ولم أجد لغيرهم أي مراجعات أو نفد ذاتي .. رغم أننا قد نحتاج إلى مراجعات جديدة لكننا مع ذلك متقدمين على الآخرين عشرات السنوات الضوئية في النقد الذاتي والمراجعات ..خالص التحية".
دكتور رشيد العيسى: " لكن هؤلاء العلمانيون والديموقراطيون والليبراليون صرعوا راسنا، بالانفتاح والقبول بالآخر واتهام الاسلاميين بالإقصائية، سقطوا بالاختبار أيما سقوط، وتبين أنهم يقبلون بالشيطان ولا يقبلون بالإسلاميين، والتجربة أكبر برهان من الجزائر حتى مصر وتونس ومجلسنا الموقر". علماً أن المعارضة السورية وتياراتها التي يتحدث عنها، لم تكن إقصائية في تعاملها مع الإخوان، لابل يمكننا القول إن بعض الشخصيات داخل هذه التيارات، كانت أكثر مجاملة وانتهازية في تعاملها مع الإخوان.
هذه الآراء تجمع على أن ممارسات الجماعة السياسية خلال سنوات الثورة كانت صحيحة. ثمة أمر آخر، لم يصدر عن الجماعة أية وثيقة جديدة، توضح أن الجماعة قد قامت بنقد ذاتي طيلة هذه السنوات الثلاث من عمر الثورة السورية. كما توضح أن المشكلة ليست عند الإخوان بل عند بقية التيارات الإقصائية، من علمانيين وديمقراطيين ولبيراليين، فهل فعلاً نحن أمام حالة إقصائية للإخوان في المعارضة السورية؟ أعتقد ومن معطياتي المتواضعة، أن الإخوان المسلمين متواجدين في كل هيئات القرار المعارض، وبقوة عددية لاتقارن بحزب آخر أو تجمع آخر، رغم أن التجمع الأبرز الذي يواجه الإخوان- إسلامياً- هو أقرب لهم من الآخرين، واقصد تجمع التيار الوطني بزعامة الدكتور عماد الدين الرشيد. الذي منه الدكتور بدر جاموس الأمين العام للائتلاف وخالد الصالح رئيس المكتب الإعلامي بالائتلاف. وعماد الدين الرشيد شخصية وطنية بالائتلاف!! كما كانت الحال مع الأستاذ علي صدر البيانوني المراقب العام السابق، والشخصية الأقوى في الجماعة حتى وقت قريب- ربما لايزال.

 إضافة إلى هيئة حماية المدنيين بزعامة نذير الحكيم- حيث أنه من جهة أخرى محسوب على الإخوان أيضا- صاحب نفوذ كبير- كيف؟- وحركة دؤوبة لكنها تركت كثير من إشارات الاستفهام!. الأستاذ علي صدر الدين البيانوني  الذي قال في رسالة استقالته من الائتلاف احتجاجاً على برقية التهنئة التي وجهها السيد أحمد الجربا للرئيس عبد الفتاح السيسي: " إلا أنه في الآونة الأخيرة، بدأت أشعرُ أن الطوفانَ أصبح أقوى من السدّ، وأن النزعة الشخصية والقرارات الفردية غير المدروسة، بدأت تطغى، بعيداً عن روح ثورتنا وتطلّعات شعبنا، وأصبحنا في كلّ يوم نفاجَأ بموقف، أو نسمع تصريحاً، ثم لا يلبثُ أن يتمّ سحبه أو تصحيحه أو التنصّل منه".

ألا تحتاج خطوة الجماعة مع الائتلاف والحال التي وصلت لها المعارضة إلى وقفة نقدية؟ ما هذا التناقض؟ المراقب العام السابق، والذي لايزال يحتل موقعاً تنظيمياً قيادياً داخل الجماعة حتى اللحظة، يستقيل ونائب المراقب العام الحالي يستمر كقيادي بالائتلاف!؟  أعتقد أننا ككتاب معارضين سوريين، قد تناولنا كثيراً ظاهرة الإسلام السياسي وظاهرة الإخوان أيضاً، وتناولنا بالنقد والحوار الخط النظري والسياسي للجماعة ومواقفها. لن نعود إلى تلك الموضوعات، لكن من الجدير الإشارة للتالي: الجماعة تدافع عن تركيا وتجربة العدالة والتنمية فيها، سؤال قديم جديد: لماذا لا يقتدون بنجاح هذه التجربة؟ لماذا يقتدون بفشل الإخوان في التجربة المصرية؟ وزعمائها الذين تحالفوا مع إيران في السابق، أثناء حكم مبارك، وأرادوا إعادة العلاقة معها بعد نجاح مرسي في الانتخابات؟ رغم أنها كانت تقتل شعبنا بشكل مباشر؟ الأمر الآخر والمهم، أن الاخوان لايزالوا يتعاملون مع أنفسهم بوصفهم مشروع الأمة. أنت عندما تنتقدهم فإنك تنتقد الأمة!، هذه قضية لوحدها تحتاج لوقفة مطولة.

النظام الأسدي المجرم منذ عام 1979 وهو يستخدم ورقة الإخوان من أجل تخويف المجتمع السوري. لديهم الآن محاولة تشكيل حزب الوعد السوري، لكنها محاولة خجولة وغير حاسمة لجهة الرؤية المرجعية لهذا الحزب. الإخوان أمامهم الكثير للقيام به من أجل أن يقفوا أمام تجربتهم في سوريا، وأمام أدائهم السياسي في صفوف المعارضة منذ انطلاق الثورة وحتى الآن.. وأن يقبلوا بأنهم ليسوا مرجعية" الأمة" قصدهم السنية. السنية ليست أمة ولن تكون.. إن نقد الذات من علائم الصحة، ويسجل لهم من جانب آخر، أنهم استطاعوا جزئيا تجديد شباب التنظيم.


مقالات الرأي لا تعبر بالضرورة عن توجهات روزنة 
 


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق