تشير إحصائية مديرية زراعة القامشلي للعام الفائت، إلى أن محصول القمح بلغ 70 ألف طن في المحافظة التي تعد المورد الأساسي للقمح في سوريا، ومن المتوقع أن يتراجع هذا العام إلى 62 ألف طن.
بذار فاسد!
يقول أبو آلان أحد مزارعي الحسكة لروزنة، إن الهطولات المطرية لم تختلف هذا العام عن الأعوام السابقة، إلا أن شهر آذار حمل رياحاً شمالية باردة وصقيعاً استمر ليومين، الأمر الذي أخرج ما تبقى من رطوبة في الأرض، وتسبب بموت الكثير من النباتات.
ويضاف إلى ما سبق، أن عدداً من الفلاحين اكتشفوا بعد أسابيع من رشهم للبذار في شهر تشرين الثاني، أنهم استخدموا بذاراً فاسداً، ما اضطرهم إلى إعادة زراعة الأرض مرة أخرى، بحسب أبو آلان، الذي يضيف أن السماد لم يكن متوافراً بالأسواق أيضاً، وهذا ما سيؤثر سلباً على المحصول بشكل مؤكد.
يواجه أصحاب الحصادات وعمالها مشاكلاً من نوع آخر، فليس هناك مناطق شاسعة للحصاد، كما كان الحال خلال الأعوام التي سبقت بدء الصراع في سوريا، ويقول محمد العامل على إحدى الحصادات، أنهم يشعرون بالخطر والتهديد الدائم أثناء عملهم في البراري، التي تشهد اشتباكات وإطلاق رصاص بين فترة وأخرى.
يعاني صاحب الحصادة أبو أحمد هو الآخر، من غلاء طرأ على أسعار الوقود وقطع الغيار، ويشتكي من النوعية السيئة للمحروقات التي تتسبب بمشاكل للمحركات، ويضيف أن البيلية (قطعة غيار) كانت سابقاً بثلاثة آلاف ليرة، وأصبحت الآن بتسعة آلاف. وبالطبع فإن ارتفاع أسعار هذه المواد انعكس على المبلغ الذي يدفعه الفلاح لصاحب الحصادة جراء عملها، على حد قول المزارع أبو آلان.
دلال زائد للفلاح؟
لا تتوقف مشاكل الفلاحين عند هذا الحد، فمراكز الاستلام التابعة للدولة التي تقوم بشراء القمح من المزارعين، لا تقبل المحصول من دون ورقة المنشأ، التي تتضمن تقديراتهم للكمية التي يجب شراؤها من كل مساحة مزروعة، وكل كمية لا تشتريها هذه المراكز التي تحتكر شراء المحصول، تصبح معرضة للتعفن في مستودعات الفلاحين.
انتظر جاسم ثلاثة أيام أمام أحد المراكز، لاستلام حصته من الأكياس الفارغة التي يتم تعبئة المحصول فيها، وبعد دخوله بوقت قصير خرج منفعلاً، وقال إن الدولة هي السبب في تدهور الوضع الاقتصادي للفلاح لأن "سعر الكيس 140 ليرة، ولكنهم يبيعونه بـ 160"، ويضيف ساخراً:" هاي العشرين ليرة، دلال زائد ورفاهية للفلاح".
من جهته يرى عيسى أحمد رئيس دائرة الزراعة في القامشلي، أن الفلاحين هم السبب في المشاكل التي يتذمرون منها، قائلاً "صحيح أن الدولة لم تقدم البذار هذا العام، ولكن جميع المزارعين قد خزنوا بذارهم من العام الماضي"، ويضيف أن مديريات الزراعة لم توزع السماد بسبب الظروف الأمنية، لكنه كان متوافراً بالسوق السوداء!