المفتاح والبحث في النزاعات

المفتاح والبحث في النزاعات
القصص | 31 مايو 2014
ثَمّةَ واقعٌ كثيف لا يناله الريب، يفرض نفسه علينا، كسوريين على الأقل، يدفعنا لتبني قناعة راسخة، مؤلمة وقاسية في الآن عينه، بعد كل الذي حصلَ ويحصل، مفادُها أنَّ المعارضة مشغولة بنزاعاتها الداخلية أكثر من انشغالها بهموم الثورة والثائرين على الأرض، وأنَّ القوى العظمى والإقليمية مُهتمةٌ بمصالحها ومخاوفها أكثر من اهتمامها بتلك القضايا ذات الطنين الجَذّاب، كحقوق الإنسان والديمقراطية والسلم الأهلي، بالإضافة إلى أنَّ المجتمع الدولي لا يملك إلاَّ قلقه الذي يُبديهِ تارةً هنا وتارةً هناك من حصول فراغٍ أو فوضى في حال حدوث انهيارٍ دراماتيكي للنظام الحاكم في دمشق. ولأنَّهُ كذلك لِنعد إذاً الى موضوعنا الأساسي وهو حقل النزاعات، ولنبدأَ من الصفر، أي من التشخيص وليس من العلاج: ما النزاعات التي يشهدها المجتمع السوري منذ ثلاث سنوات؟ وفي أي مستوى تقع؟ وما تفسيرها؟  وقبل كل ذلك وذاك أيُّ حقلٍ من حقولِ المعرفةِ والعلم هو مفتاحنا الصحيح الذي يناسبُ موضوعنا الشائك هذا؟

  فعلى مستوى الفرد يُقال أنَّ التحليل النفسي هو العلم الذي يدلُّ على النزاعات ويُفسّرها: نزاع بين الدوافع والأنا العليا، نزاع بين الرمزي والواقعي، نزاع بين النضج والطفولة، نزاع بين اللاشعور والأنا ..الخ. أمَّا من ناحية المجتمع ككل وتعقيداته، فأيُّ علمٍ من العلوم أوالمناهجٍ يساعدنا لنستدل من خلاله على النزاعات التي يعيشها المجتمع السوري بمجمله وتبيان أسبابها، كأنْ نقول مثلاً: النزاع بين الموالاة والمعارضة، النظام والثورة، جيلُ الآباء وجيلُ الأبناء، العلمانيون والمتدينون، أنصار السلمية وأنصار العسكرة، أزلام الخارج وأزلام الداخل، بالإضافة الى النزاع على الكرسي الفارغ الذي خَلَّفهُ الأب الميت (حافظ الأسد) وهذا النزاع الأخير هو ما قد يُفسر، الى حدٍّ ما، انفصال مشاغل المعارضين عن هموم الثائرين. بَيْدَ أنَّهُ قد يكون أمرا مُفرِطا بالسذاجة، بالإضافة إلى ذلك، أنْ نعتبرَ أنَّ ما ذكرناه آنِفاً، بإيجاز مبالغٍ فيه، كافٍ لوضع النقاط على الحروف. فهل كنَّا، طوال تلك الفترة من الزمن ومن الدم، نقترحُ حلولاً ومبادرات قبل أنْ نمتلك مفتاحنا؟


مقالات الرأي لا تعبر بالضرورة عن رأي روزنة 

 

 


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق