في إحدى مدارس مصياف يهمس أحد أطفال المدارس لأصدقائه :هذا الطالب الجديد "س .. إياكم أن تلعبوا معه".. ويقصد بذلك أنه من الطائفة السنية. فيبادر الآخر ويعيره أنه "ع ".. أي أنه من الطائفة العلوية. يعتبر المدرس" ماجد" أن هذا غيض من فيض المشاكل الجديدة .وبأن الأطفال لا يدركون ما هي التقسيمات الطائفية، إنما يسمعون أهاليهم يتحدثون عنها فيرددونها في المدرسة . ويضيف ماجد أن الأزمة السورية ألقت ظلالها على الأطفال والمدارس بقوة "فبعد نزوح آلاف الأسر من مناطق القتال الى الساحل السوري، باعتباره منطقة آمنة ،أصبحت بعض الصفوف الدراسية تحوي خمسين طالباً " .
يجلس في المقعد الواحد أربعة طلاب بدلا من ثلاثة، ويضطر بعض الطلاب للوقوف طوال الدروس ، ما يؤثر على استيعابهم للمواد العلمية بحسب تقدير الأساتذة . فيما يشتكي المعلمون طوال الوقت من الضجيج الناتج عن كثرة الطلاب وسوء التنظيم. الأمر الذي دعا بعض الأهالي الميسورين نسبياً إلى سحب اولادهم من المدارس الحكومية وإلحاقهم بأخرى خاصة.
مديريات التربية مصابة بالشلل
تعجز مديريات التربية عن تلبية الاحتياجات الجديدة ، فهناك حاجة ملحة لمقاعد اضافية، ولا تتوفر الأعداد المناسبة من الكتب في مستودعات الكتب المدرسية، وقد يضطر عدد من الطلاب الاعتماد على كتاب واحد اثناء الدراسة. وتقول المدرسة آمنة: "المشكلة الأساسية في المدارس هي التدفئة ايام الشتاء. فالجهات المسؤولة لا توفر كميات مناسبة من الوقود. والطلاب يرتجفون من البرد أيام الشتاء، واذا ما أصيب أحدهم بالزكام. فان العدوى ستنتشر حتما!!"
وبسبب الازدحام فقد عادت بعض الأمراض القديمة التي خلت منها المدارس لسنوات ماضية، فانتشر القمل والجرب بشكل غير مسبوق كما أكد بعض الأهالي لنا. وبات من الصعب معالجته وتقول أم رامي في حديثها لروزنة "أحاول أن أحافظ على نظافة أولادي قدر المستطاع، وأعالج القمل فور ملاحظتي لوجوده، لكنني أشعر ان الشامبو والكاز لا يفيد.. فالقمل يختفي أسبوعاً ويعود للظهور من جديد بسبب عدوى جديدة " .
لا تتوقف مشكلة النزوح والاكتظاظ عند الطلاب فيوجد أيضاً مئات من المعلمين الجدد الذين نقلوا مقرات وظائفهم إلى المنطقة. ففي مدرسة المأمون وهي مدرسة مؤلفة من عشر صفوف في مصياف ، هناك اكثر من ثلاثين معلماً . وتقول المعلمة آمنة إن أغلبهم ليس لديهم اي عمل سوى الجلوس في غرفة الاستراحة.." أحيانا لا أجد كرسياً أجلس عليه خلال الفرصة.. بعض المعلمين ينشغلون بالتدريس طوال النهار فيما يجلس آخرون يحتسون الشاي ويحللون الوضع السياسي".
محسوبيات وأفضليات..
يعمل الأستاذ خالد في مدرسة تبعد عن منزله نصف ساعة بالسيارة ومن المعتاد ان يحظى الأستاذ ذو سنوات الخدمة الطويلة كخالد بعمل قريب من بيته. لكن زوجة ضابط قتل في المعارك مع المعارضة سرقت حقه وتعينت مكانه على حد قوله "كانت المحسوبيات والواسطات تمنع المدرسين من الوصول لحقوقهم سابقاً لكنها الآن ازادت كثيراً..قدمت شكوى لمدير التربية في حماه، الا أن أحدا لم ينصفني ..ولأنها زوجة ضابط يعتبرونه شهيد الوطن ..تلقيت توبيخاً من مكتب المدير".