الأكثرية على مذبح الهوية المزيفة

الأكثرية على مذبح الهوية المزيفة
القصص | 02 مايو 2014

من هي الاكثرية في سوريا؟ ماهي هويتها؟ ماهي مرجعيتها؟،  مفهوم الهوية مفهوم استهلك الكثير من الدراسات والأبحاث، وساهم فيه كبار الفلاسفة، لكن أهم مافي هذا المفهوم، أنه لايأخذ حيزه إلا بوجود آخر.

لهذا تعد الهوية التي تعرف الشخص أو أي مجموعة بشرية، تميزه عن غيره أو عن غيرها، مفهوماً مكتسباً. حيث يخضع لكل اشتراطات التاريخ، لن أدخل في الحيز النظري لهذا المفهوم، لكن من مجرد السؤال: هل اللغة والوطن والمشاعر الجمعية الواعية وغير الواعية، كافية لكي تفسر الحالة السورية؟ أين موقع الدولة؟ ماهو تأثير السلطة السياسية المزمنة وممارساتها على مفهوم الهوية السورية؟ وهل هنالك هوية سورية تأخذ حيزها من هذه الدولة؟ السلطة السياسية عبر خمسة عقود تقريباً، جعلت سوريا معرفة بالأسد، وليس بدولتها. وانظمة هذه الدولة وقوانينها. خلال هذه النقلة بدا المجتمع السوري، وكأنه يعرف نفسه أيضا بأنه مجتمع سوريا الأسد، ومن جهة أخرى حاول الإفلات من هذه الهوية الجديدة. لكن القمع والقتل كانا دوماً بانتظاره.

منذ خرجت سوريا الاسد إلى النور، بدأ الحديث في سوريا ترتفع وتيرته الهامسة، من قبل السلطة بشكل أساسي، أنها سلطة للعلويين بمواجهة أكثرية سنية. وترسخ هذا المفهوم أكثر بأحداث السبعينيات، بهذه الثقافة الشفاهية المدججة بكل أسلحة القمع، حجب الأسد ما يعتمل داخل المجتمع السوري، مصطلح السنة في سوريا، كانت السلطة السياسية وراء ظهوره، أراد طمس الأعداد الكثيرة من أبناء الطائفة العلوية التي كانت تعارض نظامه من موقع يساري. ساعده في ذلك تلك الأثناء ممارسات ما عرف بالطليعة المقاتلة، التي ارتكبت ماعرف بمجزرة المدفعية16 حزيران1979 هذه المجزرة المدانة، أعطت مؤشراً واضحاً عما كان يجري في سوريا، من قام بالمجزرة مدان بالتأكيد، لكن المعارضة السورية وخاصة اليسارية والقومية منها، لم يعنها تفاصيل على غاية من الأهمية، فعندما أراد مرتكب المجزرة، إخراج طلاب الضباط  في كلية المدفعية غير العلويين، فلم يجد سوى 10 طلاب ضباط من أصل 280 ضابطاً، والبقية 270 طالب ضابط  من أصول علوية. هذا حدث عام 1979 أي انضمام طلاب الضباط هؤلاء تم قبل أحداث السبيعينيات التي دمرت مدينة حماة وارتكب النظام خلالها الفظائع. الحادثة أعطت إثباتاً على ماكان يقوم به الأسد في إعادة هيكلة مؤسسات القمع. منذ ذلك التاريخ بدأ الحديث الشفاهي يتحدث عن أكثرية سنية متربصة للانقلاب على السلطة. ودليل آخر أن رابطة العمل الشيوعي التي تأسست عام 1976 وأكثرية أعضائها من الطائفة العلوية، جاء في تقييمها لطبيعة النظام أنه نظام ديكتاتوري ذو سمات طائفية. أي قبل حتى ظهور تنظيم الطليعة المقاتلة المدعوم من بعث العراق. تلك الفترة بدأت تصفية كل المعارضة اليسارية وغير اليسارية، وأصبحت السلطة الأسدية داخل الطائفة ممثلة لها، وتقف بوجه السنة مع ما ترافق من امتيازات على كل مافيها، إلا انها لاتصح للمواطن السوري الآخر. بعد ذلك هل هنالك ما يمكننا تسميته هوية سنية في سوريا؟ لها مرجعيتها الخاصة؟ ما أظهرته الثورة السورية التي انطلقت قبل ثلاث سنوات، ورغم كل ما ارتكبه النظام من مجازر، اتضح أن كل مكونات الشعب السوري انقسمت عمودياً، معارض وموالي إلا الطائفة العلوية بقيت كتلة متراصة خلف الأسد. لهذا من يتحدث عن طائفية الثورة أو طائفية الأكثرية السنية، ليدلنا على مرجعية لهذه الطائفية؟ السنة في سوريا عدو تم التأسيس له منذ ماقبل انقلاب 1970 الذي أتى بالأسد للسلطة. هو عدو وهمي ويعني فيما يعنيه، حاجة أسدية بامتياز. القتل شغال بكل مكونات الشعب السوري، والدليل كم من المعتقلين ماتوا تحت التعذيب، ومن كافة المكونات إلا من الطائفة العلوية، رغم وجود عدد من المعتقلين لايتجاوز عدد أصابع اليدين وعلى رأسهم الدكتور عبد العزيز الخير.

 من الطبيعي عندما تقوم ثورة أية ثورة ضد أي نظام سياسي مجرم كنظام الأسد، ستقوم بها أكثرية الشعب السوري، ماذنب السنة إذا كانوا أكثرية عددية في سوريا؟ مع ذلك هذه الاكثرية العددية، مبعثرة سياسياً وهذا أمر طبيعي، ولا يوجد لها مرجع كهنوتي أو سياسي واحد، كأن تقول الولي الفقيه. ولا السياسي السني!! هم يقتلون لأنهم أكثرية موضوعية في سوريا وسيبقوا يقتلون مادام نظام الأسد مستمراً.
يساعد الأسد بالطبع بعض معارضة مزيفة تتعامل مع هذه الاكثرية الموضوعية بوصفها هوية جامعة مانعة تريد قتل العلويين. إنها هوية زائفة لنظام زائف، فما كان ممكن أن يصبح طائفياً بدون أن يخلق عدواً طائفياً. ولو كانوا المسيحيين هم الأكثرية العددية في سوريا، او الدروز أو الاكراد، لفعلها معهم أيضا. لا يستطيع أن يغير بالتركيبة الديمغرافية السورية، لكنه يستطيع أن يدمرها، ويشردها، ليبقى السيد المطلق في هذه السوريا التي لايزال النظام يعرفها بانها سوريا الأسد. لهذا قالوا الأسد أو نحرق البلد وحرقوها، لو كان للسنة في سوريا مرجعية واحدة، ذا ملمح طائفي من أي نوع كان،  لما وصل حافظ الأسد للسلطة. هويات زائفة لطمس حقوق الآخرين.  الآخرون هنا هم أكثرية الشعب السوري الذي وقف ضد هذا النظام ومن كل الطوائف والمكونات، ولاتزال الطائفة العلوية تهتف" الاسد أو نحرق البلد" بغض النظر إذا كان ذنبها أو ذنب الأسد أو ذنب المعارضة السورية كلها، لكنها تذبح وتحرق لكي يبقى الأسد في هويتهم الزائفة التي انفصلوا فيها عن الشعب السوري منذ أن تحول الأسد إلى ممثلهم السياسي والطبقي والديني والطائفي. سواءً بالقوة أو طوعاً، بعد ثلاث سنوات من القتل، لم يعد باسمهم بل هم من يقومون به ويشاركهم أعداداً لايستهان بها من بقية الطوائف والأديان، وهذا دليل أنه لايوجد مرجعية طائفية للسنة. مصالح طائفية وطبقية تدمر البلد وتقتل شعبها. لكن لابد من وجود صراع هويات، في اللفظ الإعلامي كي يستوي على العرش أبدياً. مع ذلك الحل في سوريا هو بانتهاء النظام الأسدي وعودة الطائفة إلى حضن أكبر من حضن الأسد، سوريا دولة الحريات والحقوق والمواطنة التي من أجلها قامت الثورة.
أما الموقف الدولي كان غطاءً للأسد وجرائمه منذ تأسس النظام 1970وحتى هذه اللحظة.

----------------------------------------------

مقالات الرأي لا تعبر بالضرورة عن رأي روزنة وإنما تمثل رأي كاتبها فقط 


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق