دمشق: طريق الجامعة مختوم بالدّم

حواجز النظام بدمشق
حواجز النظام بدمشق

سياسي | 25 أبريل 2014

"كل الطرق المؤدية إلى جامعة دمشق في منطقة المزه مقطوعة، وغير سالكة عدا طريق واحد هو الاوتستراد". جملة تسمعها كثيراً ليس في نشرات الأحوال الجوية. إنما على لسان كل طالب دفع به حظّه العاثر للذهاب إلى كليات جامعة دمشق في المزة وفي البرامكة أحياناً.


الحواجز الإسمنتية والعسكرية، تغتال هدوء الصباح كل يوم. وتؤخر طلاب السويداء القادمين من مدينتهم البعيدة نسبياً عن حضور دروسهم. بعد اجتياز باب التفتيش، وداخل الأسوار الحديدية السوداء، تنكشف تفاصيل مرعبة، فالطلاب يخشون الأمن، والاعتقال والتعذيب بالتأكيد، ويعتقدون أن عناصر تتبع للمخابرات تندس بينهم وتنقل كلّ الأحاديث.

يقول أحمد وهو طالب من مدينة السويداء لـ"روزنة": "إنهم موجودون بيننا بهيئة طلاب ويجلسون معنا في الباصات طوال الطريق" وأضاف "انا أدرس في السنة الرابعة كلية الهندسة الميكانيكية وأقيم عند أقاربي في جرمانا التي تبعد عشرة كيلومترات عن دمشق، وأعيد السنة الدراسية الآن بعد أن رسبت بسبب صعوبة السفر من السويداء والوصول إلى الجامعة".

يبدو نوار أقل خوفاً من زملائه المتحفظين، ويبدو أيضاً أكثر انزعاجاً "من المفترض أن أكون سنة ثانية ، لكنني انقطعت عن الجامعة خلال امتحانات السنة الماضية، بسبب إقفال اوتوستراد درعا ، في هذا العام انفتح الطريق، لكن العسكر على الحواجز يتعاملون معنا كأننا حيوانات" .

اقرأ أيضاً: اعتقال طلاب من جامعة دمشق قبل تنفيذهم "اعتصامًا"

الطريق من السويداء إلى دمشق طويل نسبياً، وهو يستغرق أضعاف الوقت العادي بسبب حواجز التفتيش المنتشرة على الطرقات، ويعاني الطلاب من خوف وتوتر من حدوث انفجار، أو اشتباك مسلح مفاجئ على الطريق. أغلب الطلاب لا يستطيعون الحصول على غرف في السكن الجامعي، فموضوع المحسوبيات والولاءات واكتظاظ الغرف معروف حتى قبل اندلاع الثورة بزمن.

ففي بعض الغرف يسكن سبعة أو ثمانية طلاب ، في حين أن "أصحاب الحظوة" يتمتعون بغرف منفردة أو مزدوجة الأسرة! فيما وجد بعض الطلاب حلاً باستئجار شقق جماعية في مناطق قريبة من الجامعة، وهم يذهبون إلى دوامهم مشياً على الأقدام، أو بواسطة الدراجة الهوائية لو أمكن ذلك.

يقول أمجد وهو من أبناء مدينة السويداء و يدرس طب الأسنان في دمشق " آثرت السكن في ضاحية برزة رغم كونها بعيدة عن جامعتي، ولكن لصعوبة الحصول على غرفة في السكن الجامعي قبلت بهذا البديل الذي يكلفني يومياً أربع ساعات من الوقت على الطريق والحواجز" .

أما شيرين وهي طالبة أدب عربي فقد قررت السكن في دمشق مؤقتاً ، بعد أن تعرضت الحافلة التي كانت تسافر بها إلى السويداء لإطلاق نار . مشكلة الطريق والحواجز والطرق الالتفافية المؤدية الى الجامعة، تفرض نفسها على المدرسين أيضا فالمدرس القادم من السويداء، يصيبه ما يصيب الطلاب، وقد لا يصل في الموعد المحدد للمحاضرة .

ويجلس الطلاب أحيانا ساعات إضافية منتظرين حضور الأستاذ المختص، ويقول منير "علينا أن ننتظر حتى لو تأخر الدكتور، لأننا سنخسر علامة العملي لو تغيبنا عن الحضور" . ويعبر الدكتور أمجد مصفّي وهو أستاذ محاضر في جامعة دمشق عن انزعاجه من كون راتبه غير كاف لاستئجار شقة في دمشق، فعائلته تسكن في السويداء ، وقد اعتاد على السفر من السويداء إلى دمشق طول سنين طويلة. لكنه اليوم يقضي نصف يومه على الطريق، ويضطر للعودة وإلغاء المحاضرات من دون حتى الاعتذار من طلبته، بسبب الوضع الأمني على الطرقات.


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق