خرج والد "محمد" من سوريا منذ 34 عاماًً بسبب ملاحقات أمنية. ومن ثم لحقت أمه وأخوته بوالده الذي لم يدخل سوريا منذ ذلك الحين. لم تتوقع الأسرة المكوث كل هذه المدة خارج البلاد، بل كانوا يتوقعون العودة إلى ادلب بسرعة. يقول والد محمد إنه كان ملاحقاً من قبل النظام واضطر للغياب عن بيته خمسة شهور كاملة هروباً من الأمن السوري. ثم فضل المغادرة خارج البلاد. علقت في ذاكرة محمد الكثير من القصص والمشاهد، التي كان يرويها أهله عن الظروف التي دفعت بهم لمغادرة سوريا. إذ كانت منطقتهم تتعرض لعمليات دهم واعتقالات متواصلة "عاشوا رعباً متواصلاً طوال الوقت، أعرف أن أي شيء يقولونه لن يكفي لوصف ما عاشوه". ودخول محمد إلى سوريا في وقت لاحق، كان يعني مروره على سلسلة من التحقيقات والأفرع الأمنية، لانتزاع معلومات عن والده ورفاقه. العديد من أفراد عائلة محمد كانوا قد خرجوا من سوريا في الثمانيات والعديد أيضاً ممن ظلوا في البلد لقوا حتفهم منذ بداية الثورة "فقدنا 65 شهيدا خلال الثورة ممن بقي من عائلتي في سوريا، فيما تغرب الآخرون خلال أحداث الثمانينات". حرم محمد من الشعور بالاستقرار فلم يكن يستطيع حتى أن يفكر بالعيش في وطنه. أما "مروان"، فهو شاب من مدينة حمص خرج من سوريا قبل سنة مفضلاً عدم الالتحاق بجيش النظام. لم يكن سهلا عليه اجتياز الحدود في وقت كان عليه الالتحاق بالخدمة الإلزامية بعد عشرين يوم فقط، لكنه اختار ألا يكون قاتلاً أو مقتولاً وغادر من دون رجعة. لم يكن "مروان" يعرف سوى رواية طرف واحد عن قصص العائلات التي خرجت في الثمانينات من البلاد، مشيراً في حديثه مع راديو روزنة إلى أن الكلام عن تلك الأحداث لم يكن متداولاً بين الناس الخائفين، وكل ما سمعه، أن إرهابيين ممولين من الخارج كانوا يقفون وراءها. برغم كل شيء ما يزال "مروان " متفائلاً بقرب عودته إلى سوريا، وبأن مصير السوريين الذين نزحوا عن بلادهم خلال الثورة لن يكون مشابها لمصير سوريي الثمانينات أو فلسطينيي الثمانية وأربعين، فمروان متفائل بأن النصر قد يتحقق في أية لحظة وبأنه قد يكون قادراً على الرجوع إلى بيته في أي وقت. وقد يكون ذلك قريبا جداً بحسب قوله.