سوريا عبر ثورتها أطلقت حراكا مجتمعيا واقليميا ودوليا، يحتاج لسنوات لكي تظهر نتائجه الفعلية، 33 شهرا من عمر ثورة شعبها وعالم لا يريد انتصارها. ممنوع على الشعب السوري أن يقرر مصيره بنفسه. هذه طبيعة النظام الدولي غير المكتمل أساسا- لأن عدم الاكتمال شرق أوسطيا عنصر تكويني فيه- وتوضعاته في المنطقة إسرائيليا ونفطيا وجيوبولتيكيا.
بعيدا عن الاختلافات ذات الطبيعة الشخصانية أو الفردية في صفوف المعارضة، الخلاف الحقيقي هو على المستقبل السوري. النظام لن يغير من سلوكه قيد أنملة، المتمثل بالقتل واستمراره حتى مصادرة البلاد والعباد، كما كان الوضع قبل الثورة. هذه القضية يعرفها جميع المعارضين. هنالك من يكذب على نفسه، بأن النظام قادرا على أن يكون شريكا سياسيا، سواء عبر جنيف2 أو غيره.
وهنالك من لايرى أية إمكانية لأن يغير هذا النظام من طبيعته قيد أنملة ومادام مستمرا، فالمقتلة السورية مستمرة. المجتمع السوري بكل مافيه من سلبيات وايجابيات انفتح على عوالمه الحقيقية. انفتح على السياسة على الإعلام على العالم. انفتح على أمراضه التي سببها هذا النظام الفاشي المحتل. ما حدث ويحدث من ويلات في بلدنا سببه النظام الأسدي، وما تبقى نتائج مهما تذرع المدافعون عن هذا النظام، أو من شيطنوا الثورة، التي لاتزال ثورة وستبقى مادامت الأسدية بكل صيغها الطائفية والطبقية والإرهابية موجودة في البلد.
نحن هنا وإن كنا نكرر بداهات لم تعد تخفى على كائن من كان في سوريا وخارجها، حتى من أجرم بحق الشعب السوري دفاعا عن مجرمه، بما فيهم ملالي طهران وحزب الله وشلة المرتزقة في لبنان والعراق، يدركون جميعهم هذه البداهات. ليس قدرية أن نقول النتيجة التالية: إن هذا القتل والدمار سيطال سوريا مادام هنالك عائلة اسدية، في حال أراد شعبنا التحرر منها. طال الزمن أم قصر، تدمير البلد سيكون ثمنا لحريتها مع هذه العائلة. هذا ما أثبتته احداث الثمانينيات من القرن الماضي، وما أثبتته احداث السويداءعام2000 وانتفاضة الكرد 2004 ومجريات الثورة السورية. في الثمانينيات كانت أوساط النظام وقادته يرددون سندمر البلد ودمروا حماة وارتكبوا فيها المجازرشباط 1982. في السويداء أيضا تم تهديد اهلها من أعلى مستوى: سندمرها فوق روؤسكم. والآن منذ ثلاث سنوات وشعارهم ( الأسد أو نحرق البلد) وبات لديهم شعارا جديدا( هم اختاروا حرية التعبير ونحن اخترنا حرية التدمير).
عندما استدعى الأسد تجار الشام ومشايخها في بداية الثورة خاطبهم بالقول: سادمرها فوق رؤوسكم. رغم أنهم حلفاؤه الطبقيين. وليس أدل على ذلك أيضا هي استخدام ما يعرف بالقنابل التي تشبه البراميل، براميل الموت قنابل ترمى من أعالي السماء بالطائرات قنابل عمياء!! دون هدف محدد سوى قتل أكثر عدد ممكن وتدمير أكبر حجم ممكن. حيث دمرت هذه القنابل أكثر من ربع مدينة حلب. ثقافة التدمير والبلطجة والتشبيح والتطييف، أغاني حزب الله وأبواق النظام وقناة الدنيا. هذه البنية كانت جزء من سوريا وتحكمها وسببت لها ما سببته وستسببه في حال استمرارها.
نهب بيوت الناس وحرقها أو نسفها فيما بعد. إنها سياسة اقتلاع مطلقة لم تقم بها اسرائيل. هذا ثمن الحرية في سوريا والعالم أجمع يعرف ذلك. لهذا عندما نختلف في الحقيقة مع كثر، نحن لا نختلف على الحاضر ولا على الماضي بل نحن نختلف على المستقبل، والسؤال الأهم: هل هؤلاء سيظلوا جزء من مستقبل هذا البلد؟ وهل هذه الثقافة ستبقى تحكمنا؟ إذا كان الجواب نعم فمصير سوريا كتب إذا منذ اللحظة التي أتى بها حافظ الأسد1970...وماتبقى كله تفاصيل. لهذا خلافنا على المستقبل وليس على أي شيء آخر.
--------------------------------------------
مقالات الرأي لا تعبر بالضرورة عن رأي روزنة