يتم توزيع المساعدات الإغاثية في كثير من المناطق بمحسوبيات شخصية، أو طائفية. فيما تحرص جهات معينة على إبراز اسمها في الصور والفيديوهات لتحصل على مكاسب إعلامية معينة.
من يستحق المساعدة؟
يقول "علي" وهو ناشط في المجال الإغاثي في اللاذقية، أنه يعمل مع احدى الجمعيات التي سمح لها النظام بالنشاط تحت ظروف معينة. وبدأ بالعمل مع الجمعية منذ عامين تقريبا : "سنتان من العمل المستمر أرهقتني إلى حد الإنهيار، لم أعد أعرف من يستحق المساعدة ومن لا يستحقها!" . يلوم علي نفسه عندما لا يستطيع تأمين مساعدة لعائلة فقيرة. ويحمل نفسه مسؤولية تأمين لقمة عيش أخرى.
الأخلاقية هي الأساس
تجد "لمى" وهي ناشطة تساعد النازحين في المدينة أيضا، أن تغليب العقل والأخلاق واجب في العمل الإغاثي. والمشكلة الكبيرة التي يواجهها عاملو الإغاثة أن اهلهم هم نفسهم باتوا بحاجة لمساعدة ، وبحسب "لمى": "لم يعد في سوريا هذه الايام شخص لا يحتاج للمساعدة، ولكن هناك حاجات ملحة أكثر من غيرها، وهناك أناس على شفير الهاوية".
وتقول "ريما " وهي ناشطة ومديرة لأحد المشاريع الإغاثية في اللاذقية، أنها أمست قاسية القلب، لا يهزها خبر موت أو نزوح جديد، أو بكاء على أبواب الجمعيات، وذلك ما يؤلمها بشدة..
تضيف ريما: " لو لم أكن قاسية القلب فلن استطيع الاستمرار"
وتضيف في حديثها لراديو روزنة : "من الصعب عليك المضي قدماً في مشروع إغاثي يساعد النازحين في اللاذقية الهاربين من الموت دون أن تجعل من قلبك قاسياً، أنت أيضاً إنسان ولديك حدود للتحمل، نحن مجبرون أن نتجرد من مشاعرنا أحياناً، فلا نملك المال الكافي ولا التمويل الكافي لإعالة كل هؤلاء النازحين، لكن تبقى الأخلاقية في العمل هي الأساس".
هل يتفهم النازحون معاناة عاملي الإغاثة؟
دخل الناس في حلقة مغلقة من الجوع والخوف من الموت جوعاً، من الصعب عليهم تفهم طبيعة العمل الإغاثي أو الاكتفاء بالقليل. كما يقول سمير "اسم مستعار" ناشط إغاثي.
"لشدة سوء الأحوال في البلد، وتردي الوضع المعيشي، وخسارة الكثيرين لوظائفهم ورزقهم فقد أصبح يومهم قتالاً للحصول على بعض الطعام، إن استطاع أحدهم الحصول على حصة غيره لن يتوانى عن ذلك، وذلك تصرف مفهوم نسبة لأوضاعهم، كثيراً ما تتعالى أصواتنا نحن عاملو الإغاثة والأهالي ، ويصل الوضع إلى حد المشاجرة".
انسحب "سمير" من فريق الإغاثة الذي عمل معه لمدة سنتين، فهو لم يعد يحتمل الضغط النفسي الذي يتعرض له يومياً. فهو يشعر بتأنيب ضمير كبير تجاه من نام جائعاً أو مريضاً. ورؤية الجوع في عيون الجائعين مؤلمة للغاية كما يقول "سمير" .