أوكرانيا تخرج من ظلال القيصر

فلاديمير بوتين
فلاديمير بوتين

مدونات | 22 فبراير 2014

من غير المسموح، بل ومن غير (التاريخي)، عودة القيصر، ولهذا كان على الأوكرانيين تحطيمه، ليس على تخوم الشرق الاوسط، وانما من على  كتفه، فـ (فلاديمير بوتين)، وقد تهيأ لنا أنه بطرس الاكبر، سقط اليوم في :"كييف"، سقط ببعض الورود وبعض الفودكا، وبشئ من الاحتجاجات (البنّاتية) وقد هرعت ناشطات (فيمن)  ليتيولن بفظاظة وعلى مرأى من (شهود عيان) وتحت أعين المصوّرين المفتوحة على آخرها، على صورة الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش ، وكأنما يسقين بذلك نيران الاحتجاجات على بقاء الرئيس تحت جناح القيصر، في رسالة مفادها دون حساب للتكلفة لن نقبل أن نكون تحت جناح ايفان الرهبب أيها السيد فلاديمر بوتين، نحن من جماعة (لولو بريجيدا).

حدث هذا ما بين ليلة وضحاها، وإن كانت الليلة قد امتدت لعقدين ونعني منذ أن انهار جدار برلين الى اللحظة، و حدث :

-دون انتاج داعش، وبلا امتدادات اقليمية تعني هاتوا سلاحا قطرياً، وقراراً تركيا، أو على الجهة المقابلة براميل متفجرة تحصد الأخضر من الحياة وتحرق اليابس منها في كل حين، وتدمر سوق حلب وقلعة الحصن، وتأخذ بلادا برمتها الى تقسيم مضاعف، يطال الروح في قسمه الاول، فيما يطال المكان في قسمه المقسّم الى ما لا حصر  من الدويلات والدول والزواريب والأزقة.

نعم حدثت (ثورة)، وأمام هكذا ثورات ليس يسيراً حساب التكلفة والمردود، ليس يسيراً حساب الصح والخطأ، كما لن يكون من السهل ادراك الى أين سيركب المتظاهرون التاريخ و يسيرون به، التاريخ في لحظة نشوة الثورات سيكون قابلا للكثير من الليّ، ومن التأويل، ومن احتمالات الخطأ وقد يرتمي الخطأ في حضن الخطيئة ان شئت، ولكنه الخطأ اللذيذ، الخطأ الذي لابد من حدوثه كي يصعد التاريخ الى الأعلى فالأعلى، فلولا الخطأ أو تلك الخطيئة لما انتصب الانسان على قدمين بعد التهامه التفاحة ونزوله من الغابة الأولى  ليصحّح الخطأ بخطأ جديد وهكذا في سيرورة هي الحياة، التي تعني :

-عكس الموت.
عكس الموت فقط، والدليل أن المتظاهرين الأوكران  لم ينتجوا أبو حفصة، والحكم الأوكراني لم ينتج أدولف هتلر، وهكذا اختاروا غدهم، بالحد الأدنى من الاجهاز على يومهم، هذا ما حدث في أوكرانيا، وهي البلاد التي تحمل الكثير من ذاكرة  جنكيز خان ولم تستعن بهذه الذاكرة في لحظة تحوّل كبرى ستقود هذا البلد الى مصير آخر، حيث لا بد أن تتدحرج  تجربته نحو روسيا نفسها، نحو ساحة الكرملين، إيذانا باستكمال عصر آخر، بدأ مع البيروسترويكا، وانقطع مع صعود فلاديمير بوتين، وعاند عبر التجربة السورية، والمؤكد أنه اختبر في العاصمة الأوكرانية، ومن باب التحصيل الحاصل أنه لا بد وأن يستكمل مساره ايذانا بإعادة انتاج (الفوضى الخلاّقة)، تلك  المصيدة  التي وضعتنا بها كونداليزا رايس، لتقول لنا مع التجربة الاوكرانية :

-ما لابد من حدوثه، لا بد من حدوثه.

على البشرية أن تفهم، أن ثمة جدلية جديدة، ليست جدلية العقائد، كما ليست جدلية الجغرافية، انها جدلية الملل:

ثمة بشرية أصيبت بالملل .. الملل وحده كاف لتحطيم حكاية القيصر.
حدث في أوكرانيا..  يحدث وان بدماء ساخنة في سوريا ايضا.
 

مقالات الرأي لا تعبر بالبضرورة عن رأي "روزنة"


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق