لعنة النزوح ترافق أم محمد

لعنة النزوح ترافق أم محمد
تحقيقات | 09 فبراير 2014


أم محمد "اسم مستعار" من قرية "عرامو" في ريف اللاذقية الشمالي، كانت تسكن في أحد أحياء مدينة حمص، لديها ولدان من ذوي الاحتياجات الخاصة، أحدهما مقعد والآخر مصاب بمتلازمة داون  أو ما يعرف بالعامية بـ "المنغولية".
تقول أم محمد:"كان القدر قاسياً علي، أن يأتيني طفل مقعد أمر تحملت وزره، لكن أن يأتي الآخر ببلاهة منغولية هو الظلم، أو هذا ما فكرت به بدايةً، ولكوني لم أتحمل تعليقات أهالي قريتي تركت القرية وانتقلت لحمص لأسكن قريبة من مكان عمل زوجي وبقيت هنالك حتى بعد تقاعده".
بدأت الأحداث في حمص وبدأ خوف أم محمد بالظهور، لا على حياتها بل لعدم قدرتها على مساعدة أبنائها كما اعتادت أن تفعل بحسب ما قالت لروزنة. ففي سوريا نشطت في الفترة الأخيرة وما قبل بداية الاحتجاجات جمعيات تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة من ناحية الدعم النفسي أو تدريبهم على الاهتمام بأنفسهم، وكانت أم محمد قد قطعت شوطاً كبيراً في مساعدة ولديها عن طريق الجمعيات آنفة الذكر.

 


النزوح الأول!
لم تهتم أم محمد لنظام الحكم في البلاد، ولم يعنها ماذا يحدث في سوريا، كان همها الوحيد هو أبناؤها، وتأمين طعامهم وأدويتهم والاهتمام بهم، "لن يعرف أحد معنى معوق إلا أهله، حرصت طوال حياتي ألا أعرضهم لأي موقف محرج أو أي نظرة مزعجة ممن في عمرهم، أدخلتهم المدرسة وأخذتهم لجمعية المعاقين بشكل دوري، حتى أنهم تعلموا مهارات جديدة متحدين مشاكلهم وصعوبة حياتهم، لكن مع أول رصاصة أطلقت في حمص لعنت كل شيء، كرهت الجميع وشتمت الجميع".
اضطرت أم محمد وقتها للعودة إلى قريتها في ريف اللاذقية، وسكنت في منزل عائلة زوجها مرغمة ومتحملة كل نظرات الشفقة التي تزيد وضعها سوءاً، على حد وصفها.

 


بانتظار الاغاثة..
لم تدم راحة أم محمد طويلاً في قريتها، حيث حصل اقتحام لجماعات مسلحة متشددة للقرية، وعاد شبح الموت يلاحقها من جديد هي وأبناؤها وزوجها. وبدأت مسيرة نزوح جديدة لهذه العائلة المنكوبة.
" كان علينا النزوح مجدداً وهذه المرة دون وجهة محددة، فكانت اللاذقية المدينة خيارنا الوحيد، هربنا بما قدرنا على أخذه معنا من أغراض. استأجرنا منزلاً صغيراً، وحاولنا التأقلم مجدداً مع مكان وعالم لا ننتمي إليه".
ولأن أم محمد ليست متعلمة ولا موظفة ومامن أرض كما في "عرامو" لتزرعها وتبيع منها، ولأن راتب الزوج التقاعدي ضئيل جدا، بدأت بالوقوف أمام جمعيات الإغاثة في اللاذقية بانتظار دورها، مثلها مثل بقية النازحين السوريين من كافة محافظات سوريا.
"ما من شيء يعوضني عما فقدت، حمص وشوارعها، ذكرياتي التي تركت ورائي، الذل الذي أعيشه يومياً، لكنها مصيبة على كل السوريين وسأعيشها حتى تمر الغمامة على سوريا". ولكن  ما خفف الأمر على أم محمد أن جمعية المعاقين في اللاذقية فتحت أبوابها لولديها وساعدتها في العناية بهما، كما أخبرتنا.

 


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق