سيغني حسين الديك في إحدى الصالات الفخمة في دمشق العاصمة، هذا ما ذكرته دعاية ملونة انتشرت في شوارع اللاذقية. وسيشاركه في الحفلة العازف المشهور طلال الداعور. نفس الدعاية ألصقت أيضاً في أحد شوارع بانياس، لكن الدعاية لم تستمر طويلاً، في اليوم الثاني من تعليقها لم تكن موجودة، وكان هناك بقايا مزق من ورقتها مرمية في الطريق.
يحتفلون.. واخرون يموتون
"أم عهد" فقدت أصغر أولادها في الغوطة الشرقية منذ عام تقريباً كما قال لها الضابط الذي حضر جنازته، في تعزيته لها. ستكتفي "أم عهد" هذا العام بالدعاء لروح ابنها "الشهيد"، وبإيقاد البخور في منزلها. لكنها تعتقد أن الكثير من الشباب الذين ينتشرون في الحواجز وفي الأحياء سيطلقون العيارات النارية في الهواء. يوجد الكثير من الشباب اليوم الذي تساوى عنده الموت والحياة. ويصبح إطلاق النار في الهواء اقتناص لحظة فرح رغم كل الحزن. قد يكون ذلك وارداً وفق حديث "أم عهد" لكنها لا تعرف بالضبط ماذا يمكن أن يحدث. وتعتقد أنه في الساحل السوري أيضاً أسر كثيرة لم تفقد أحداً، ولا يهمها ما خسرته سوريا حتى الآن. وتعتقد أن هؤلاء سيحتفلون وسيطلقون الأعيرة النارية. وسيشربون، وقد يعتدوا على شباب من الساحل أيضاً. وما ميز احتفالات أعياد رأس السنة السابقة هنا، هو تعرض بعض الشباب لاعتداءات شباب متنفذين. ولا تستبعد "أم عهد" ذلك هذا العام.
تقول "أم هادي" اسم مستعار: "من يستطيع الاحتفال وسط هذا الموت. كيف سنحتفل وأولادنا على الجبهات الممتدة من الشمال إلى الجنوب. قد أكون متفائلة جداً إذا قلت نحن الآن بخير إذا بقيت خسائرنا في هذه الحدود. فقدت قريتي حتى الآن عشرات الشباب، وجرح العشرات أيضاً وأصابت آخرين عاهات دائمة، لم أفقد أي واحد من أولادي حتى الآن، لكني أشعر بالخوف كلما سمعت صوت سيارة الإسعاف. أخشى في كل لحظة أن أسمع خبر وفاة أحدهم. أحمد الله كل لحظة، لكن قلبي مثقل بالحزن".
أشجار الميلاد
قال أبو العز "اسم مستعار": في فترة سابقة كنت أعلق شجرة عيد الميلاد في بيتي، كان تقليدا عن أصدقائي من الطائفة المسيحية. وكنت أشعر بالفخر عندما أفعل ذلك. لكني لن أعلقها هذا العام كما أني لم أعلقها في العام الماضي. وأشعر أنه من العار أن يفكر واحدنا بالاحتفال، فلا يوجد منزل في سوريا اليوم تقريباً إلا وفقد عزيزاً أو صديقاً". لا يعلق الساحليون شجرة في بيوتهم، ولا يزينونها بالأضواء كما كان يفعل "أبو العز". هي عادة انتشرت في فترة سابقة ببطء شديد. قد تكون تقليداً للمسيحيين في ذلك. وقد يكون تحت تأثير المحطات الفضائية والأفلام. لكن مع بدء الأحداث اختفت الأشجار والأضواء، ويبدو أن وهج الاحتفال بالعام الجديد هذا العام قد انطفأ. في السابق كانت تنتشر الألعاب النارية بكثرة. وكان يخمن المرء عندما تختفي الثواني الأخيرة من العام أن معركة بدأت، من شدة الانفجارات، ومن تنوع الألعاب النارية التي تستخدم. وكان هناك أيضاً من يستخدم "كلاشنكوف" ومن يرمي قنابل حقيقية. لكن اليوم تحولت سوريا إلى ساحة حرب حقيقية لا احتفالية. قد لا يكون الساحل مكانها ولكن الساحل يخسر شبابه فيها.