الابن المخطوف..مفجوع بمقتل والديه

الابن المخطوف..مفجوع بمقتل والديه
القصص | 27 ديسمبر 2013

قدِم الوالدان من الحسكة إلى حمص للتفاوض مع جماعة تُتبع نفسها للجيش الحر، بشأن إطلاق سراح ابنهما المختطف لديها. وخلال شهريْن من المحادثات والتفاهمات في منطقة الوعر، لم تفلح النتائج بما هو خير، فقذيفة معادية من جهة غير معلومة "يُرجح أنها من قوات النظام السوري" شقت المسكن الذي يأويانه مؤقتاً، والنتيجة مقتل الوالدين وبقاء ابنهما المختطف، علماً بتوقعات تشير إلى مقتله أيضاً. ما حدث منذ يوميْن يضع المزيد من علامات الاستفهام على عمليات الاختطاف التي تحدث بكثرة في سوريا، فـ "الطاسة ضايعة" كما يُقال، والمجتهد هو الذي يصطاد أحداً ما، لا يهم غنياً كان أم فقيراً، ثم طلب الفدية، دون احترام لأية اعتبارات أخرى مطلقاً. لم تقف ظاهرة الاختطاف على السوريين فقط، بل ما شاء لهذه الجماعات أن تختطف، بل ولم تقف عند المدنيين، وإنما طالت الصحفيين وغيرهم من أصحاب المهن المرموقة، كما يؤكد الكثيرون، كون "هؤلاء لديهم ما يدفعونه"، كالأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات والضباط وغيرهم من رجال الأعمال، في وقت تزداد فيه النسبة على الفتيات، كونهن يعشن في مجتمع محافظ، والأسرة مستعدة لدفع كل ما لديها دون أن تتلطخ سمعتها. وفي حين تكون الأهداف مادية فقط في عمليات الاختطاف، وتكون المبادلة على أساس المال والعملة الصعبة "الدولار أو اليورو"، إلا أن الأسوأ في معادلة الاختطاف هو الاختطاف الطائفي، الذي لا يتوقف عند المال فقط، بل يتعدى إلى التعذيب ثم القتل. ومن وقت إلى آخر، تحذر منظمات حقوق الإنسان والدفاع عن المدنيين من خطورتها، ولاسيما أن مرتكبيها كانت لديهم سلوكيات وسوابق وقبعوا في السجون سنيناً، فهم يلعبون على أخطر نقطة في حياة الإنسان وأرق وتر، وهو التفكك الأسري وأخذ فرد من الأسرة، الأمر الذي يُحيل الدولة إلى غابة بلا قانون ومجتمع مريض، بعد سيطرة عدم الأمان وتصنيف سوريا ضمن أسوأ الدول في كل شيء مؤخراً. وتكثر أعداد المختطفين يوماً إثر آخر، ونحن نقرأ أرقامهم بالمئات، منهم معروفو المصدر وآخرون مختفون عن الظهور كلياً، ولا معلومات عن أماكنهم، بعدما توجهت أصابع الاتهام كثيراً مؤخراً إلى جهات تقف ضد النظام السوري، وتختطف في الوقت نفسه المدنيين، ما أثر على ثقلهم في المجتمع والهدف الذي يحاربون من أجله، لكن في نهاية المطاف، فأن الجهتين تختطفان. تخلّف عمليات الاختطاف الفتنة بين الناس وتزرع الذعر بينهم، وتنمّي الأحقاد إذا كان الهدف منها، من ضمن الأهداف المادية والسياسية، إرضاء الغرائز الجنسية، فالعملية محكومة بشكل أو بآخر بغياب القانون، وبيقظة الضمير في هذه الحالات التي تكون أجمل امتحان للإنسان حين يمتلك عناصر القوة. في سوريا، كثُرت عمليات الاختطاف "الرهن والاحتجاز وما إلى ذلك من تسميات"، وبات المواطن السوري مستعداً لدفع كل ما يملك لإنقاذ مختطف من أسرته.. هذه الفكرة كفيلة بتحييد مسار الأحداث في بلد انتفض في آذار / مارس 2011، لهدف غير هذا، وكذلك بتسيير بوصلة الأحداث نحو مفهوم آخر من عقلية الشعب السوري، لأنه حسب المراقب غير السوري "السوري يختطف السوري"، ما يترك أثره على تفكير الغير في تنشئتنا السوسيولوجية وتركيبتنا السيكولوجية، وطرح سؤال كبير: أين كانت هذه الأحقاد مدفونة طوال أربعين سنة؟ كان الوالد الفلسطيني والأم السورية "الشامية"، قادميْن للتفاوض مع مختطفي ابنهما، ولكنهما دفعا حياتهما ثمناً منذ عدة أيام، ولعل ابنهم "لو كان حياً وخرج"، سيشعر بالذنب النفسي وسيُفجع ويتلذذ بتعذيب نفسه طوال عمره على جريمة قتل والده الذي شقت القذيفة بطنه ووالدته التي انفصل رأسها عن جسدها، وعلى منزل مستأجر وأثاث جديد تم تدميره ولا تزال رائحة الخشب تفوح منه!


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق