منظمة الصحة العالمية أعلنت حالة الطوارىء في الشرق الأوسط خوفاً من تفشي المرض في سوريا والدول المجاورة لها، معلنة أن عشرين مليون طفل، بينهم 1.6 مليون سوري، يجب تطعيمهم ضد الفيروس خلال الشهور الستة المقبلة.
"جاد الشيخ" مراسلنا في دير الزور، كان قد رصد عدة حالات مصابة بالمرض، وتحدثت "أم أحمد" عن ابنتها "ريماس" التي لم تتجاوز السنة والنصف، وظهرت عليها أعراض الإصابة فأخذتها إلى الطبيب الذي لم يتمكن من تشخيص حالتها، وبعد مرور عشرين يوما، أصبحت أطرافها السفلية أكثر رخاوة، فأخذها ذويها إلى طبيب آخر، ليكتشفوا اصابتها بفيروس شلل الأطفال.
في مواجهة هذا الواقع، أطلق عدد من النشطاء المدنيين في دير الزور، حملة لشراء لقاحات وقائية مقاومة للفيروس، لكنهم تفاجؤوا بأن اللقاحات الأساسية ليست من العقارات التجارية التي تباع في الأسواق، لذلك كان لابد من فتح قناة اتصال مع منظمة الصحة العالمية التي استجابت للحملة وادخلت اللقاحات بعد رفض الحكومة السورية الاعتراف بانتشار المرض.
" بسام الجيال" منظم الحملة تحدث لروزنة، عن بدايات تشكيل الحملة والصعوبات التي واجهتها بعد تحولها من فكرة إلى خطوة عملية أثمرت نتائج فعلية على أرض الواقع، حيث بلغ عدد الاطفال الذين تلقوا لقاحات شلل الأطفال في هذه الحملة أكثر من( 140 ) ألف طفل في مدن البصيرة والشحيل والميادين في ريف دير الزور، وهي المدن التي ظهرت فيها حالات الإصابة بالفيروس.
غير أن الوقاية وتقديم اللقاحات في المناطق التي ظهرت فيها الحالات لايعني أن الأطفال في سوريا باتوا في مأمن من الإصابة بهذا المرض، فالفيروس المسبب له ينتشر على مدى يتجاوز قطره الـ 1000 كم من الحالة المصابة بالفيروس، كما أخبرنا الدكتور " حسن علو" أحد الكوادر الطبية المشرفة على حملات التلقيح في محافظة حلب، والتي لم تسجل فيها أية حالات إصابة بالفيروس، رغم عدم تلقي المناطق التي تسيطر عليه المعارضة، في مدينة حلب وريفها العقار المضاد للفيروس من الجهات الغير حكومية كمنظمة الصحة العالمية.
وتبدو محافظة الرقة المجاورة لمناطق تفشي المرض في ريف دير الزور، في جاهزية تامة للوقاية من هذا المرض مع استمرار حملات التلقيح الداعمة المضادة للفيروس وتوفر اللقاحات وعدم اكتشاف أي حالة إصابة بالفيروس، كما حدثتنا إحدى طبيبات الأطفال في الرقة.
بينما يعلق الدكتور " مصطفى حاج حامد" رئيس المكتب الصحي في المجلس الوطني، أن إمكانياتهم الضعيفة تجعل المكتب يقف عاجزاً أمام السيطرة على هذا المرض، لكن المكتب الصحي والمنظمات الطبية المستقلة لازالت تفتح قنوات اتصال مع منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة للحصول على العقار المضاد للفيروس، لكن ذلك يحتاج لصفة رسمية، على حد تعبيره.
ويعول المكتب الصحي في القادمات من الأيام على وزراة الصحة في حكومة الائتلاف، بعد أن قدم المكتب لحكومة الطعمة دراسة ومعطيات متكاملة حول مرض شلل الأطفال في سوريا .
ويعتبر هذا التفشي هو الاول منذ أن انتشر فيروس شلل الأطفال لأول مرة في سوريا عام 1999، لكن السلالة التي تعود لها الجينات المكونة للفيروس الحالي تعود في نشأتها إلى باكستان، وسبق وأن رصدت في عينات المجاري في مصر العام المنصرم، ورصدت كذلك في فلسطين والأردن مطلع العام الحالي .