منذ عام 2005 واحتكاكي المتواضع بالسياسة الأوروبية والامريكية، حول سوريا ودول المنطقة عموما، لم يجب أحد ممن التقيتهم من سياسييهم ومثقفيهم، وشاركت معهم في مؤتمرات وندوات عقدت حول الشرق الاوسط، السلام والديمقراطية وحقوق الانسان والارهاب، كعناوين رئيسية لهذه المؤتمرات واللقاءات، سؤالي دوما كان يتمحور حول: طالما أنكم تخافون من الاسلاميين والارهاب، لماذا لا تدعموا التيارات الأخرى اليسارية والعلمانية والليبرالية؟ لا جواب، ومن كان يجيب منهم يصر على أنهم يحاولون.
رغم انه دعم محدود، نجده يتبعثر هنا وهناك في استراتيجية ذات طابع مخصص، ولا يطال إمكانية احداث فارق تأسيسي نوعي لثقافة ليبرالية ديمقراطية. تقوم بعض المؤسسات بدعم جزئي وهزيل لبعض النشاطات الاعلامية والحقوقية المحدودة التأثير. من جهة أخرى كانت هذه الدول تحاول حماية شرعية الفساد والعسكر في الشرق الاوسط.
أذكر حضوري لمؤتمر عقد في برلين 2006بعنوان الارهاب في الشرق الاوسط، حزب الله وحماس نموذجا. كان لي سؤال لأحد مسؤولي وزارة الخارجية في دولة عضو دائم في مجلس الامن: طالما الموضوع كذلك ما الذي دعمتم به السلام مع ياسر عرفات لمواجهة حماس؟ ولماذا لازلتم تحاولوا التغطية على من يدعم حماس وحزب الله والقاعدة، إيران والنظام السوري في العراق وأفغانستان ولبنان وفلسطين، لا بل تدعمون سلطة طهران بوجه المعارضة الديمقراطية الايرانية، وتغطون على جرائم نظام الاسد في بعض المحافل؟ يتحدث ساعة عن ديكتاتورية آل الاسد واجرامهم حتى. وتحدث عن معرفتهم بعلاقات الاسد بالقاعدة وبالاسلام السياسي المتشدد في المنطقة. طيب لماذا لا تدعموا مطالب المعارضة في نظام ديمقراطي؟ يتلون الحديث شرقا وغربا دون أن تصل إلى أي نتيجة.
رغم أنه شبه نظام الاسد بوصفه قوة احتلال، لدرجة أنا نفسي تفاجأت بهذا التوصيف، لم أكن أجرؤ حتى على التفكير فيه، فكيف بإعلانه؟!! هذا على مستوى العالم الحر. أما روسيا فهي خارج منظومة التفكير بقضايا الديمقراطية وحقوق الانسان، قضايا لا تعنيها لا من قريب ولا من بعيد.
عندما احتلت فرنسا سوريا الحالية، المشكلة وفقا لسايكس بيكو، وبقيت فيها منذ معركة ميسلون التي خرج فيها يوسف العظمة- ربما لأنه من اصول كردية- لملاقاة الجيش الفرنسي بجيش لا يتعدى المئات ربما! واستشهد خلالها عام 1920 ودخل الجنرال غورو دمشق وبقيت فرنسا تحتلنا حتى عام1946، وجدت فرنسا خلال فترة قصيرة من يناصرها، لابل من يتحالف معها وينتج مصالحه خلالها، في كل محافظات القطر تقريبا، مع التحفظ على النسبة بين محافظة وأخرى.
لكن عندما ارادت فرنسا تقسيم سوريا، وجدت أيضا من يساندها في هذا القرار، ووجدت من وقف ضدها، وتوحدت سوريا 1931. وجدت فرنسا ضالتها أيضا ببعض البرجوازية التقليدية والاعيان في المدن، حيث شكلوا حكومات وهي موجودة، ورغم ان هنالك مناطق ثائرة، حتى في المناطق الثائرة كانت هنالك عائلات كبيرة مع المحتل الفرنسي، سواء في السويداء أو درعا أو الساحل السوري، ورفض أكثرية الاعيان الاكراد الاحتلال، لكن الاحتلال بقي حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، لم يمارس الفرنسيين وحشية آل الاسد ولا يمكن المقارنة، فرنسا رغم أنها احتلال عمرت في سوريا، بعكس النظام!! نهبها ولم يعمر شيئا، ودمر حتى ما بنته فرنسا.
إذا نظرنا للوحة الآن وفي ذلك الوقت، هل نستطيع القول: إن الاحتلال لم يكن فرنسيا لأن الحكومة محلية!! وفوقها مندوب سامي فرنسي بعسكره، أو لأن هنالك من تحالف معه من تجار ومشايخ حلب ودمشق والمدن الاخرى؟! إنه احتلال: لكن أنتم سموه.
لولا مقتضيات الحرب العالمية الثانية بشكل اساسي ربما، لما خرجت فرنسا من سوريا.
---------------------------------------------
مقالات الرأي لا تعبر بالضرورة عن رأي روزنة